والله ما قصدتُ غير ذلك!
ذُكر المتنبي في مجلس (الشريف الرضي) بمحضر المعري وجماعته, فأخذ الأمير يطعن على المتنبي, ويضعف شعره, ويذكر مقابحه, وكان المعري حاملاً على الأمير لقلة إحسانه إليه, فحمله ذلك على أن خالفه, وأثنى على المتنبي, وقال: هو أشعر الشعراء وأحسنهم شعراً, ولو لم يكن له إلاّ قصيدته التي أولها:
لكِ يا منازلُ في القلوب منازلُ
فأمر به الأمير أن يضرب بالسياط, فضرب وأخرج, فعظم ذلك على من حضر المجلس، وقالوا للأمير: رجل كبير من أهل العلم تضربه لما يقول عن المتنبي أشعر الشعراء, ماذلك بصواب! فقال: ليس كما قلتم, وإنما ضربته على تعريضه بي!
قالوا: وكيف ذلك؟
قال: لأنه لم يفضله بقصيدة من عالي شعره, وإنما فضّله بتلك القصيدة, لأنة يقول فيها بعد أبيات:
وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ
فهي الشهادةُ لي بأنّي كاملُ
فاستحسن من حضر فهمه, وحدة ذهنه, وعذره فيما فعل.
وسئل المعري بعد ذلك, فقال: نعم والله, ما قصدت غير ذلك.
