أخبارصحيفة البعث

وعود ترامب حبرٌ على ورق.. و”جدار المكسيك” يؤجج الخلافات الداخلية

مع حلول منتصف مدة رئاسة دونالد ترامب، يبدو أن الرئيس الذي خاض حملته الانتخابية على أساس أنه قادر على التوصل إلى صفقات، لا يستطيع التوصل إلى اتفاق مع الديمقراطيين لإنهاء الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة.

فقد ركّزت كبريات الصحف والدوريات العالمية على السياسات الاقتصادية المتهورة لترامب، وخاصة بعد قرار ترامب الأخير إغلاق الحكومة الفيدرالية ردّاً على رفض الديمقراطيين في الكونغرس تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك، الأمر الذي فتح باب التكهنات حول النتائج الكارثية التي يمكن أن تجرّها هذه الأزمة على الاقتصاد الأمريكي.

وفي هذا السياق قالت صحيفة الغارديان البريطانية: إن الإغلاق الحكومي الذي تشهده الولايات المتحدة بسبب الخلاف بين ترامب والكونغرس حول تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك فضح سياسات ترامب وأداءه الاقتصادي، وأضافت في مقال للكاتب روبرت ريك: “إن إحدى العواقب المتوقعة بسبب الإغلاق، ولا يتمّ التحدث عنها بشكل كبير هي تأثيره السلبي في الاقتصاد الأمريكي”، موضحاً أن الإنفاق الفيدرالي يمثل ما يزيد قليلاً على 20 بالمئة من إجمالي الاقتصاد، لهذا انخفض الطلب على السلع والخدمات مع الإغلاق الحكومي، والنتيجة هي استثمار أقل ونموٌّ أبطأ، بينما لا يحصل نحو 800 ألف موظف حكومي في الوقت الحالي على رواتب، كما لا يحصل المقاولون الحكوميون على أموالهم، وكلا الفئتين لا يمكنها الشراء بالوتيرة السابقة نفسها.

وأدّى الخلاف بين ترامب والمعارضة الديمقراطية حول تمويل مشروع بناء جدار على الحدود الجنوبية مع المكسيك الذي يصرّ الرئيس على بنائه دون إقرار ميزانية فيدرالية، إلى إغلاق العديد من الإدارات منذ أكثر من شهر لعدم توافر الأموال لتشغيلها.

واعتبر الكاتب أن ما يحدث ما هو إلا جانب آخر من جوانب ما دعاه الاقتصاد الترامبي الذي يقوم على الافتراض المشكوك فيه بأن الازدهار يأتي من تخفيض الضرائب على الشركات والأثرياء في مقابل الضغط على العمال والموظفين الأمريكيين، وهم الأشخاص الذين يقومون بمعظم عمليات الشرا،ء ويحرّكون الأسواق.

أما مجلة نيوزويك الأميركية، فقد ذكرت أن الرئيس الأميركي لم يفِ بالعديد من التعهّدات التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية رغم مرور عامين على توليه منصبه الرئاسي، وهو الآن لا يشير في خطاباته سوى إلى ما أنجزه من هذه الوعود، بينما يتجاهل سائر التعهّدات الرنانة التي انتظر الأميركيون تنفيذها، ومنها تعزيز الوظائف في صناعة الفحم، حيث انخفض استهلاك الفحم نحو أربعة بالمئة العام الماضي إلى أدنى مستوى له منذ عام 1979، وذلك بعد مرور عامين على محاولته تنشيطها.

وأضافت المجلة: إن ترامب وعد أيضاً بخفض الضرائب بشكل كبير للأميركيين من الطبقة العاملة، فضلاً عن خفض معدل الضريبة على الشركات، غير أنه تم تخفيض ضريبة الشركات فقط من 35 بالمئة إلى 21 بالمئة، حيث يبيّن الأميركيون أن هذه الخطة الضريبية تعود إلى حد كبير بالفائدة على الأميركيين الأغنياء فقط.

وتابعت المجلة: وحتى مشروعه الذي دافع عنه باستماتة لبناء جدار حدودي مع المكسيك بتكلفة قليلة جداً فشل، فهو وبعد أن وصل إلى منتصف فترة ولايته الرئاسية يطالب بتمويل قدره 5.7 مليارات دولار لبنائه، ما حدا بالديمقراطيين إلى رفض تمويله، وبدلاً من ذلك قدّموا جزءاً ضئيلاً من هذا المبلغ، ما أدّى إلى مأزق تسبب بأطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة.

وأدّى الإغلاق الحكومي الجزئي إلى شلّ الإدارات الفيدرالية بسبب عدم إقرار ميزانية في الكونغرس، وأثّر هذا الإغلاق في 800 ألف موظف فيدرالي لم يتلقوا رواتبهم بينما اضطر جزء آخر إلى العمل بلا راتب.

من جانبها، قالت صحيفة “واشنطن بوست”: إن ترامب تمّ انتخابه جزئياً لطمأنته الأمريكيين بأنه وحده يستطيع إصلاح الأمر، لكن بعد عامين من رئاسته، تشهد الحكومة أزمة، ويصارع ترامب واقع أنه لا يستطيع إصلاح الأمر.

وتذهب الصحيفة إلى القول: إن إدارة ترامب للإغلاق الحكومة الجزئي قد كشف بشكل لم يحدث من أوجه القصور التي لديه كصانع للصفقات. فقد كان الرئيس عنيداً في طلبه تأمين 5.7 مليار دولار من الأموال العامة لبناء الجدار الحدودي الذي طالما وعد به، لكنه لم يستطع الانتصار على الديمقراطيين في الكونغرس، الذين رأوا أن الجدار غير أخلاقي، ورفضوا التفاوض على أمن الحدود حتى يتمّ إعادة فتح الحكومة.

وتضيف “واشنطن بوست”: إن الإغلاق المستمر منذ 30 يوماً، والذي بدأت آثاره تتجاوز العاملين الفيدراليين لتبدو في الحياة اليومية لملايين الأمريكيين، يحدّد النصف الثاني من الفترة الرئاسية لترامب، ووضع الأساس للحملة الانتخابية لسباق الرئاسة في 2020.

وكان ترامب قد تعامل مع الإغلاق على أنه تحدٍ دعائي، واستخدم تقريباً كل أدواته لإقناع الناخبين بأن الوضع على الحدود الجنوبية قد بلغ مستوى الأزمة، وأن الحل سيكون فقط عن طريق بناء حاجز مادي.

ويرى مستشارو الرئيس أنه نجح في تعليم وإقناع الأمريكيين حتى على الرغم من أن جهوده لم تسفر عن اتفاق بين الحزبين، إلا أن البيانات تكشف عن قصة مثيرة للقلق بالنسبة للرئيس، فبعد شهر من الإغلاق الحكومي، الأطول في تاريخ أمريكا، تظهر العديد من استطلاعات الرأي أن ترامب يخسر المعركة.

ولفتت الصحيفة إلى استطلاع أجرته في 13 كانون الثاني مع “أي بي إس” وجد أن الكثير من الأمريكيين يلومونه أكثر من الديمقراطيين على الإغلاق، في الوقت الذي تتواصل فيه شعبيته في التراجع.