“صايعين ضايعين” على سورية دراما!
ضمن خانة “الكوميديا” يُصنف أو يقع مسلسل “صايعين ضايعين”–رازي وردة/صفوان نعمو– والذي تعرضه قناة “سورية دراما”، وهي أي الكوميديا التي حضرت فيه، يمكن أن نصفها بأي شيء حتى التهريج المجاني–رغم أن التهريج فن- أما أن تكون كوميديا بمعنى الكلمة، فهذا مالا يعرفه العمل ولم يحضر فيه لا من قريب أو بعيد، وإن كان الإفراط في تقديم “الزحلطة” والمشاجرات السمجة، بين كل من “صبحي”–أدى دوره الفنان أيمن رضا” و”فريد”-عبد المنعم عمايري” بطلا العمل، لأكثر من ثلاث أو أربع مرات في الحلقة الواحدة، ودون أي سبب، وإن كان اللعب على الألفاظ بشكل مجاني ودون جدوى، كأغلب الحوارات التي يخوض فيها مثلا الفنان “حسن حسني”، على سبيل المثال لا الحصر، وإن كانت البلاهة التي ترتسم على وجوه بعض الممثلين، بافتعالهم لحركات لا سبب لها إلا الجنون، هي من الكوميديا-حسب صناعه- فإن هذا النوع من الكوميديا يندرج وحسب تصنيف أنواعها بما يعرف بـ: الملهاة الرخيصة!حيث يقوم (الكوميديون)، بأداء أعمال سخيفة مثل السقوط أو إحراج الآخرين مما قد يسبب الضحك لا على شيء مضحك فعلا.
العمل الذي ضم نجوما نكن لهم كل الاحترام، من بدايته حتى نهايته، إن كان في غناء الشارتين، البداية غناها الفنان اللبناني “هشام الحاج” وشارة المسلسل الختامية، غناها الفنان “علي الديك” “حظ معتر ومساكين” –وهي ما علق كما اعتقد في أذهان من تابعوا هذا العمل أكثر من العمل نفسه- أو في الحكاية، التي أعلن المخرج بأن العمل عليها كان عكسيا في “صايعين ضايعين”، حيث أنه تم اختيار الممثلين، ثم كتابة النص لهم على خلاف ما هو شائع أو ما هو صحيح وليس فقط شائع، وهذا لوحده قادر على نسف أي عمل درامي مهما كانت الكلفة الإنتاجية له ضخمة، ومهما كان فيه اكتظاظ بالنجوم الذين هم في خانة “فنانون كوميديون”، فالحكاية تُكتب أولا، وبعدها يتم انتقاء “الكاست” حسب وجهة نظر المخرج، وهذا جرى ولكن كما اسلفنا بشكل عكسي.
كثرة النجوم المحليين والعرب مثل الفنان “حسن حسني” أو المغنية “رولا سعد”، والفنان “طلعت زكريا” وغيرهم في العمل المذكور، لن تستطيع أن تكون الحامل له في غياب القصة، فالمسلسل وعلى عكس ما تم الترويج له، لا يوجد له أي مضمون، عدا عن كونه أيضا لا يقدم المتعة للمشاهد، بسبب الزعيق المستمر، والحوارات الركيكة المكتوبة على عجل ودون معرفة بقواعد إنشاء الشخصية، على عكس ما تم تداوله في كونه عملا يقدم مشكلة البطالة، ليس في سورية فقط، بل في كل العالم العربي، وربما من هذا الباب قالت الشركة المنتجة فلنجعل العمل دراما كوميديا عربية (صايرة وصايرة)، كما يقال، خصوصا وأنه تم الإتيان بنجوم من الدول العربية ليزج بهم في المسلسل الفارغ من أي محتوى، والذي يمكن حذف عدة حلقات منه، أو تقديم حلقة على أخرى أو العكس، دون أن يترك ذلك أي أثر على العمل، وعندها لا مانع عند الكاتب أو المخرج من الحديث عن كونه عملا عربيا يقدم هذه المشكلة الاجتماعية، ضمن جملة مواقف (كوميدية) تحدث في العمل، وهذا قيل في المقابلات الصحفية، ولم يظهر في المسلسل!
العمل الذي يريد أن يتصدى لمشكلة البطالة ويقدمها بقالب كوميدي حسب ادعائه، لم يحقق هذه النتيجة ببساطة، أو لم يقدم مشكلة خطيرة كهذه بما لها وما عليها بأقل تقدير، خصوصا وأن الشخصيتين الرئيستين “صبحي وفريد” هما السبب في كونهما لا يستطيعان إكمال العمل الذي يتم تأمينه لهما من هنا أو هناك وبمعية “اللواء السابق”، في أي نوع منه، وكان من أحد الحلول التي طرحها العمل كحل للبطالة، هو السرقة!، فهو بلا حكاية، ولا مضمون، ولا أداء صحيح، حتى أنه يوجد مشكلة عويصة في اختيار الممثلين لشخصيات العمل، فمثلا الفنان “جرجس جبارة” والذي عرفه الجمهور المحلي والعربي بدوره الأهم “أبو نادر” وبقيت راسخة في ضميره هذه الشخصية، ليس من المستحب أبدا عدا عن كونه من الأخطاء الفادحة، أن تكون الشخصية التي يؤديها، هي شخصية “مخنث”!، وهذا على سبيل المثال لا الحصر. العمل الذي تبثه سورية دراما وكان قد عُرض للمرة الأولى عام 2011، جرى بعد نهاية عرضه، بأن قام الفنان أيمن رضا بالتبرؤ منه، ووصف مشاركته به بـ”الورطة”، مبرراً موقفه بوجود مجموعة كبيرة من الأخطاء تجلت في ضعف النص والإخراج والمونتاج، الذي كان حسب “رضا” من المفترض أن يخدم الإخراج إلا أنه لم يساعده أبداً، “وهكذا كنا نعمل بدون خريطة”.
إلا ان المخرج “نعمو” وبعد التصريح الناري لـ “رضا” بما قاله، فإنه أكد أنه ما من خطأ في “صايعين ضايعين” إلا تواجد أيمن رضا فيه، فهو وحسب المخرج فنان يفتقد لصفة الوفاء،ومزاجيته كانت طاغية على أجواء العمل، هذا عدا عن الردح والقال والقيل بين كل من المخرج والممثل، هذا يعتبر العمل فاشلا بكل المعايير رغم مشاركته به، وذاك يتهمه بالتقصير في العمل وعدم التقيد بالمواعيد، وغيرها من التراشقات الإعلامية التي إن دلت على شيء فإنها تدل على المستوى الهابط للعمل، حتى لو تمّ عرضه على عدة قنوات.
ورغم إعلان المخرج العمل على جزء ثان منه، سيتم فيه إحضار العديد من النجوم العرب والمحليين، إلا أن هذا لم يحدث ولله الحمد، فكيف ستصنع جزءا ثانيا لمسلسل درامي لا قصة فيه من الأساس، والارتجال العشوائي هو سيد الموقف في معظم مشاهده؟
“صايعين ضايعن”، كما يقدم نفسه بنفسه، وبعيدا عن وصف منتجيه له بكونه عملا كوميديا، هو في حقيقة الامر “فيديو كليب” ممطوط، ولا يمكن وصفه بأي حال من الأحوال بكونه مسلسل مهما كان نوعه.
تمّام علي بركات