مغناطيسٌ كهربائيّ..!؟
لابدّ وأن نتوقّف ونمعن مليّاً فيما كشفه أحد مديري كهربائنا عن ضبط ثلاثة معامل صناعيّة كبرى منذ أيام كان أصحابها يسرقون الكهرباء، موضحاً أنّه تمّ تنظيم الضّبوط بحق أصحاب مراكز التّحويل ليصار إلى دراستها وتقدير الكميّات المسروقة.!؟
إبرةٌ يطالها مغناطيس وزارة الكهرباء بالصّدفة؛ والتي يدلّل عليها فاقدنا الكهربائي بشقّيه الفني والتّجاري والذي يجاوز في كثير من المحافظات نسبة 50% من الطّاقة المُستجٓرّة، بينما نتقاسم التقنين مرةً، وصيانات أعطال مرّات أخرى، ما يستوجب عدم التلكّؤ في مُساءلة المستجرين ومعهم المنوط بهم حراسة هذا المنتج الحيويّ، بالغ الأهميّة، في عمليّة التّنمية بشقّيها الخدميّ والاقتصاديّ!
استحقاق يتّكئ على استحضار وقائع سطوٍ على الشّبكة العامة- بأعدادها الكبيرة ومحاضرها الخجولة القليلة- من ضعاف نفوس تجرؤوا عليها لأغراض منزليّة، أو من أصحاب معامل وفعاليّاتٍ صناعيّة، قاموا دونما وازعٍ من ضمير باستجرار الكهرباء بطريقة غير مشروعة من خلال السّطو على كابلاتٍ رئيسيّة مُغذّية، بينما قامت معامل أخرى بالتّلاعب بالعدادات، لنخلص إلى نتيجة مفادها: أنّ ثمّة ثقوباً في سلّة الرّدع المعتمدة سوّلت لضعاف النّفوس العبور إلى ارتكاب جرم السّرقة.!
وفي حين تتكبّد الدولة حسب مسؤولينا الكهربائيين مليارات الليرات لدعم شرائح استهلاك الطّاقة، ولا سيّما الدّنيا منها؛ يغدو من المسؤوليّة الوطنيّة بمكان قيام وزارة الكهرباء بإيجاد الآليّات واجتراح الحلول الأكثر نجاعة؛ بما فيها اقتراح مسوّدات قوانين أكثر ردعاً وصرامةً، لضبط الاستجرار غير المشروع للتيّار الكهربائيّ بما يكفل وقف التّعدّي على الشّبكة بما فيه من استنزاف للخزينة وسرقة موصوفة للمال العام.!؟
وهنا لا بد من استذكار الوعود، القائمة على جسر الفجوة بين الإمكانات المتاحة والحاجة الفعلية من الطّاقة الكهربائية التي تنبّأت وزارة الكهرباء بوصولها إلى نحو 13 ألف ميغا عام 2030 وبأكلاف ماديّة تبلغ نحو 11.37 مليار دولار، وما تستبطن من حاجة إلى محطات توليد لتلبية الطلب على الطاقة من جهة والطلب على حمل الذّروة من جهة أخرى، وكذا ضرورة الأخذ بعين الاعتبار بدائل تعويض الوقود اللازم من المحطات “الكهروريحية” واللّواقط “الكهروضوئيّة”..!
فجوةٌ، كثيراً ما اعتبرناها هاجساً؛ ليغدو معها من الضرورة بمكان الإفادة من الطّاقات البديلة وتوظيفها كحلول استراتيجية، نظراً لما تكتنزه بلادنا من مطارح غنيّة لاستزراع الرّياح، إضافة إلى تمتّعها بميزة الأجواء المشمسة، ناهيك بعائدها الكهربائيّ النّظيف بمعادله البيئيّ؛ الذي تحرص الكثير من المنظّمات الدّولية على تشجيعه وتقديم المعونات المالية لتشييده..!
والحال أنّه لم يعُد مباحاً التّساهل في قمع التّعدّيات على الشّبكة بأرقامها التي تلامس ال400 مليار ليرة، وإذا ما كانت الحوافز الماديّة على نسبة الضّبوط للقائمين على تسطيرها ستشكل دافعاً لاكتشاف “مغناطيس” إحكام القبضة على سارقي التيّار؛ فلتكُن هذه الحوافز، وبما يُحصّن في النّهاية الخزينة، والمال العام، من شهيّة مفتوحة، لم تكتف بمجانيّة: التّدفئة والتّبريد، لتنتقل إلى مجانيّة دوران الآلات..!؟
أيمن علي
aymanali66@hotmail.com
—————————