الإغلاق الحكومي يؤجج خلافات ترامب والديمقراطيين
لا تزال أزمة الإغلاق الحكومي التي افتعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتفاعل في الأوساط السياسية الأمريكية، وتزيد من حدّة التجاذبات الموجودة أصلاً في المجتمع الأمريكي، وخاصة بعد إصرار ترامب على اتهام الحزب الديمقراطي بأنه أصبح مصدر خطر على الولايات المتحدة بأسرها، ما ينبئ بانقسامات في المجتمع ربّما تؤدّي في النهاية إلى إشعال فتنة أهلية، وتهدّد حالة الاتحاد نفسها.
ولكن ترامب عاد في النهاية إلى القبول بطلب غريمته رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي تأجيل خطابه عن حالة البلاد إلى ما بعد انتهاء أطول إغلاق حكومي في البلاد، والمستمر منذ 22 كانون الأول الماضي، وقال على تويتر: إنه سينتظر حتى انتهاء إغلاق الحكومة لإلقاء خطاب حالة الاتحاد أمام مجلس النواب، منتقداً زعيمة مجلس النواب لسحبها دعوة سابقة لإلقاء الخطاب.
وقالت بيلوسي: إنّها غيّرت رأيها بسبب الإغلاق المستمر منذ أكثر من شهر الذي أثّر في 800 ألف موظف اتحادي، بينما قال ترامب على تويتر: “هذه صلاحياتها، سألقي الخطاب عند انتهاء الإغلاق. لا أبحث عن مكان بديل لإلقاء خطاب حالة الاتحاد، لأنه لا يوجد مكان يمكن أن ينافس تاريخ وتراث وأهمية مجلس النواب”.
وكتب الرئيس الأمريكي على حسابه في تويتر أمس: “مع استمرار الإغلاق، طلبت مني نانسي بيلوسي تأجيل إلقاء خطاب حالة الاتحاد، وقد وافقت. لقد غيّرت رأيها بشأن موعد الخطاب بسبب الإغلاق الحكومي، وأشارت إلى موعد لاحق. هذا من صلاحيتها. سألقي الخطاب في المكان المعهود عندما ينتهي الإغلاق”.
ووعد ترامب في وقت سابق أنه سيجد بديلاً للتحدث أمام الكونغرس بعدما صدّته رئيسة مجلس النواب، الديمقراطية بيلوسي، ورفضت أن يلقي خطابه السنوي في الكونغرس قبل انتهاء الإغلاق الحكومي.
وتفاقم الخلاف بين الرئيس ترامب وبيلوسي خلال الأسابيع الأخيرة. وقال الرئيس الأمريكي يوم الأربعاء: إنه لا يزال يعتزم إلقاء خطابه أمام الكونغرس يوم 29 كانون الثاني الجاري، لكنه تلقى رفضاً متكرراً من بيلوسي.
وقالت بيلوسي: إن مجلس النواب لن ينظر في قرار اجتماع متزامن (لمجلسي الكونغرس) يسمح بمعالجة خطاب الرئيس “حول أوضاع البلاد” إلى أن تُفتح المؤسسات.
وتوقفت ربع الوكالات الفيدرالية الأمريكية عن العمل منذ 22 كانون الأول الماضي بسبب عدم وجود ميزانية معتمدة، ويرفض ترامب التوقيع على الميزانية دون تخصيص مبالغ إضافية للأمن الحدودي وبناء جدار على الحدود مع المكسيك بكلفة 5,4 مليارات دولار، لكن الديمقراطيين في الكونغرس يرفضون تخصيص هذه الأموال.
وكانت بيلوسي قد أبلغت ترامب سابقاً أنه لن يُسمح له بإلقاء خطاب حالة الاتحاد السنوي داخل مقر المجلس، إلى أن ينتهي الإغلاق الحكومي الجزئي.
وقالت: “من المؤسف حقاً أن ترامب لا يتخذ الشعب الأميركي والعمال رهائن وحسب، بل أيضاً الجمهوريين في الكونغرس”، مضيفة: “الديمقراطيون يدعمون الأمن الفعال على الحدود، لكننا لا ندعم اتخاذ الرئيس الأمن الصحي ورواتب الموظفين رهائن مجدداً.. هناك قلق جدّي ومبرّر من أن هذا الرئيس سيغلق الحكومة كلما عجز عن تحقيق المسار شرعياً”.
من جهته، قال ترامب: إن خطاب حالة الاتحاد ألغته رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي لأنها “لا تريد أن تسمع الحقيقة”، وأضاف في تصريحات له من البيت الأبيض: إن “ما تقوم به بيلوسي أمر سيّئ والحزب الديمقراطي أصبح حزباً متشدداً، وأعتقد أن هذا الحزب أصبح خطيراً على بلدنا، وإلغاء خطاب حالة الاتحاد من الديمقراطيين وصمة عار في جبينهم وأمر غير مسبوق”.
واعتبر ترامب أن “زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر دمية، ولا يتحرّك من دون موافقة بيلوسي”، مشدّداً على أنه “لن يسمح لما سمّاه اليسار المتشدّد بالسيطرة على حدود البلاد”.
يذكر أن ترامب أعلن في 18 كانون الثاني الجاري إلغاء مشاركة وفد بلاده إلى مؤتمر دافوس الاقتصادي العالمي بسويسرا بسبب استمرار الإغلاق الحكومي الذي دخل أسبوعه الرابع وقتها.
ويستمر الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة منذ 22 كانون الأول 2018 ما يجعله أطول إغلاق جزئي تشهده الحكومة الأميركية منذ عام 1995.
إلى ذلك أعرب مراقبون جويون وطيارون وموظفو ملاحة عن قلقهم المتزايد على سلامة النقل الجوي في الولايات المتحدة، محذرين من أن مستوى الخطر الناجم عن الإغلاق الحكومي المستمر لا يمكن تقديره، وقال بول رينالدي رئيس الهيئة الوطنية للمراقبين الجويين وجو ديبيتي رئيس هيئة طياري الشركات الجوية وسارة نلسون رئيسة هيئة الموظفين الملاحيين في بيان مشترك: “نشعر بقلق متزايد حيال أمن وسلامة موظفينا وشركاتنا الجوية والمسافرين بسبب تراجع الحكومة”، وأضافوا: “في صناعتنا التي تميل إلى تجنب المخاطر لا يمكننا حتى أن نقدّر مستوى الخطر الموجود حالياً، ولا أن نتوقّع المرحلة التي سينهار فيها النظام كلياً.. هذا أمر غير مسبوق”.