زراعة البطاطا في سهل عكار.. هل هناك أزمة تلوح في الأفق ؟! المطلوب دعم المزارع وليس الاتكال على الاستيراد لإنقاذ جهود الفلاحين وتكاليف مواسم بكاملها
طرطوس- لؤي تفاحة
يبدو أن قدر نكسات المزارعين سيبقى معلقاً حتى إشعار آخر، بعد متوالية أزمات يتعرضون لها بين كل موسم وآخر، سواء زراعياً كان أم تسويقياً، فبعد نكبة تسويق الحمضيات التي لم تتمكن الجهات المعنية من تسويق سوى القليل منها لظروف مختلفة، رغم السخي المقدم لمصدري المادة ومنحهم عطاءات مقابل التصدير لهذا الموسم الذي عجزت كل السياسيات الاستراتيجية من وضع ولو بارقة أمل لإنقاذ عرق وتعب مواسم بكاملها، ليبقى قطع الأشجار وبيعه حطباً هو آخر خيارات العلاج رغم قسوته.
واليوم يأتي فصل جديد من فصول البؤس لدى المزارعين ما يخص موسم زراعة البطاطا في سهل عكار الذي يعتبر الخزان الاستراتيجي الذي تكفي مواسمه المتنوعة لنصف سكان سورية فيما لو تم استثماره الاستثمار الأمثل؛ حيث تعرض المزارعون لعاصفة مطرية، كانت كفيلة بخراب مئات الهكتارات من المساحات المزروعة بالبطاطا خلال سويعات قليلة، الأمر الذي سبب بارتفاع غير مسبوق بأسعار البطاطا في الأسواق، حيث ارتفع سعر الكيلو إلى أكثر من 500 ليرة، وكذلك الأمر بالنسبة للبندورة وغيرها الكثير، في حين يتم بيع الكيلو الواحد من البطاطا المعد للزراعة إلى أكثر من 900 ليرة في الأسواق، في حين تبيعه مؤسسة إكثار البذار للمكتتبين بسعر 575 ليرة لنوع السبونتا المزروع في الساحل، وهنا حذر البعض من مخاوف عدم انخفاض سعر الكيلو بالمفرق عن 400 ليرة نتيجة قلة المساحات المزروعة، ولجوء بعض التجار للصيد في المياه العكرة والعمل على استيراد المادة لتجنب أي نقص للمادة كونها مادة تشكل حاجة يومية لكل منزل، مع أنه المطلوب دعم المزارع وتشجيعه لزراعة المساحات، وتقديم القروض وغيرها من الدعم، وليس الذهاب بعيداً كما حصل، وبالنسبة لموسم الحمضيات ومنح مبالغ طائلة بالدولار لكل شحنة تصدير تصل لحدود 400 ألف دولار، في حين كان الأجدر والأولى هو تقديم “هذا السخاء” للمزارع أساساً.!
وبالنسبة لزراعة التبغ فلم يكن أقل شأناً وسخونة بالنسبة لمزراعيه، ولاسيما بعد قرار مؤسسة التبغ بمنع زراعة ما يعرف بشك البنات أو البلدي، وهو الصنف المناسب للزراعات البعلية، وكذلك تدني السعر رغم وعود الحكومة برفع الأسعار بعد موسم الصقيع وحبات البرد التي تعرض لها خلال العام الماضي، فجميع هذه المشاكل والقضايا المحزنة لفلاحنا شكلت قواسم مشتركة من النقاشات الساخنة في مجلس المحافظة، حيث اختتم عقد دورته الأولى للعام الحالي، ورغم كل ما تم طرحه من مجمل هذه القضايا المحقة المطلبية والملحة، كان رجع الصدى بعيداً لدى متخذي القرار، ولم تصلهم عبر لجان تم تشكليها على عجل، فجاءت نتائج عملها كقرار تشكليها متسرعة وغير مدروسة وغير مثمرة بحسب كلام الكثيرين من أعضاء المجلس، ومن خلفهم المزارعون.
وفي الشق الخدمي والصحي وما يتعلق بالوضع المعيشي وما يخص أزمات المواطن من غاز وكهرباء ومازوت وأسئلة مشروعة حول عدم وجود خطة لتقديم المادة بظروف طبيعية، ومن دون الإقرار بوجود أزمة نفطية أو غيرها؛ مما جعل المواطن في حالة من الضياع والتخبط في ظروف جوية غير طبيعية وطارئة. وكذلك فقدان الكثير من الأدوية المزمنة لدى المشافي الحكومية، وكذلك ارتفاع أجور العمليات الجراحية والخدمات الإسعافية المقدمة في الخاصة منها، وعدم تقيدها بالأجور المحددة من قبل وزارة الصحة، وغياب أي شكل من أشكال الرقابة والمتابعة المستمرة، وأهمية القيام بعملية التصنيف لكل مشفى بحسب الخدمات ونوعيتها.
ورغم تأكيد مدير الصحة وكلامه حول ما تم تقديمه من أكثر من ستة ملايين خدمة قدمتها المشافي الحكومية والهيئات الصحية والمراكز الصحية في المحافظة خلال العام الماضي، ومنها جهاز الرنين المغناطيسي وما يقدمه من خدمة للمواطنين، ولاسيما جرحى الجيش الذي يقدم خدماته مجاناً ومستثناة من الدور وغيرها. ومع ذلك فقد كانت النقاشات في وادٍ والتصريحات حول مجمل ما تقدمه الجهات الخدمية والمعنية في وادٍ آخر، ومن دون أن تقنع هذه التصريحات بعض المشتكين لتبقى ساحات المجلس شاهدة لجدل بيزنطي لم يأتِ بجديد ومثمر.!