اقطعوا “رزق هؤلاء”..!
تتكشف يوماً بعد يوم حقيقة ارتكاب بعض الحلقات الحكومية التنفيذية المسؤولة عن انسياب المواد الأساسية المدعومة، لجهة تسريبها إلى السوق السوداء وبيعها بأضعاف السعر المدعوم..!
إذاً نحن أمام متاجرة قذرة تستهدف قوت الشعب، وهذا يضع الحكومة ممثلة بأجهزتها الرقابية على محك المحاسبة القصوى لهؤلاء المتاجرين، وإذا ما بقي الحال على ما هو عليه فربما نصل إلى مرحلة يبقى فيها دعم هذه المواد “صورياً”، لأن المستفيد منه هو هؤلاء المتاجرون وأتباعهم الذين يمكن تصنيفهم ضمن خانة “أغنياء الحروب”..!.
وإذا ما سلمنا أن الاقتصاد الوطني يرزح تحت وطأة العقوبات الاقتصادية، وأن الحكومة تسعى بكل ما أوتيت من طاقة لتأمين حوامل الطاقة، فإن هذا يستوجب من الأخيرة الضرب بيد من حديد لكل متورّط مهما كبر أو صغر شأنه دون هوادة..!
لا نعتقد أن محاسبة المتورطين في تغيير مجرى انسياب المواد المدعومة إلى من لا يستحقها مستحيلة، فربما كانت هناك صعوبة يستعصي وضع حد لها، ولكن إذا ما عُقد العزم المدعوم بإرادة التصميم، وإدارة الحليم، فعندها تتكسر مجاديفهم ويندثر نفوذهم، شريطة البدء بالكبار منهم لا بالصغار..!
إن تطهير المؤسسات الحكومية من هذه الحلقات، يعتبر خطوة على غاية الأهمية في رحلة مكافحة الفساد المضنية، وتجدر الإشارة هنا إلى دور المواطن بالتبليغ عن أية حالات لسوء توزيع المواد المدعومة، فهو اليوم مدعو إلى ركل مقولة: “اخطي ما بدنا نقطع رزق حدا”، والمضي قدماً بقطع “رزق من يقطع هذه المواد عن مستحقيها”، لا بل إن صمته يأتي ضمن سياق التورط غير المباشر بهذا الخصوص..!.
لقد أضحى إيصال الدعم إلى مستحقيه أشبه ما يكون بوضع الماء بقربة مثقوبة، ولاشك أن الحكومة تعي هذا الأمر ولا تدّخر جهداً في معالجته، ولكن يبدو أنه لا مناص أمامها من القيام بحملة استثنائية من نوع خاص لسدّ هذه الثقوب، حتى لو اضطرت لطرد كل من تسول له نفسه الحفاظ على هذه الثقوب بغية المتاجرة بما لا يُسمح المساس به، من الوظيفة العامة بالدولة..!
وتعي الحكومة أيضاً أن تسرب المواد المدعومة إلى السوق السوداء يضغط على الوضع المعيشي للمواطن ويستنزف قوّته الشرائية المتآكلة أكثر مما هي متآكلة نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار، ما يزيد بالمحصلة من مسؤوليتها تجاه تأمين أدنى مستلزمات العيش للمواطن..!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com