الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

“الكتابة الفيسبوكية” مًقرر جامعي في الهند

 

قررت إحدى الجامعات العريقة في الهند، أن تقوم بتدريس نوعا جديدا من الكتابة، ظهر ومكّن نفسه بين الأنواع الأخرى، وذلك خلال مدة قياسية بالنسبة لبقية هذه الأنواع التي بقي بعضها دهورا حتى اعتاد عليه الناس وتعلموه، وهذه الكتابة التي ستكون مقررا يُمتحن فيه الطالب، وعلى أساسه إما ينجح أو يسقط، ليست إلا الكتابة “الفيسبوكية”!، بعد أن وجد الكادر التدريسي لهذه الجامعة، بأن هذا النوع من الكتابة يجب دراسته وتحليله وشرح أسباب رواجه، عدا عن دلالة هذه الكتابة ومعانيها وحالتها، مستندة بالدرجة الأولى على أن الكتابة الجديدة وحسب إحصائيات قامت بها، علمت الكثير من الأميين كيف يقرؤون ويكتبون، بعد أن فشل القلم والآلة الكاتبة بهذا، والسبب أيضا حسب الكادر الجامعي، أن الرغبة بالتواصل مع الآخرين، بغض النظر من أين هم، هو الدافع الحقيقي، فالكثير من الصداقات الواقعية بدأت بالافتراضي، وتلك الكتابة الجديدة، هي النوع الذي جمع معظم البشر –حسب الكادر التدريسي-ليتعرف بعضهم إلى بعض، وهذا عامل مهم في تقريب وجهات النظر المختلفة بين الناس، ويمكن له أن يؤسس لحالة وحدة إنسانية، ربما تكون سببا من أسباب إيقاف الحروب البشرية.

ربما من الغريب كما يبدو في الخبر، أن تكون “الكتابة الفيسبوكية” لها جامعة تُدرسها، وما معنى هذه الدراسة أساسا إن كانت أنجع أساليب الكتابة متوفرة بين أيدينا؟ إلا أن صفة “الانفعالية” التي تتسم بها تلك الكتابة، هي التي تلفت الانتباه إلى كون قرار الجامعة المذكورة، ليس بالقرار الغريب، بل أنه يحمل صفة الاستشراف المستقبلي، فهذه الكتابة عدا عن كونها انفعالية، معظمها ينقل حال صاحبها وبالتالي مزاجه، ثقافته، فكره، طبيعته البشرية نفسها، وبهذا تكون بعيدة عن الكتابة “الواعية” التي تتم مراجعتها مرارا وتكرارا، وبالتالي تجيء باردة، لا حرارة فيها ولا انفعال حقيقي ودقيق في توصيف نفسه.

حالة الإقبال على دراسة هذا القسم لم تكن متوقعة أبدا هذا ما يؤكده مدير الجامعة ومبتكر الفكرة نفسها، فأوراق التقدم إليها جاءت كثيرة، والراغبون بشهادة في الكتابة الفيسبوكية، يتضاعف سنويا.

تمّام علي بركات