نحو تقشف عادل..!
في الوقت الذي بدأت تتكشف فيه حقيقة تعثر تأمين حوامل الطاقة نتيجة العقوبات الاقتصادية على سورية، وما يحتم هذا الأمر من الابتعاد عن الترف وحُسن إدارة الأمور الحياتية اليومية بما يتواءم مع هذا الوضع الاستثنائي المستجد، نلحظ أن ثمة ثلة من المتملقين يوجهون هذه الرسالة إلى المواطن البسيط المتوجب عليه أن يتحمل كل الأعباء والضغوط المعيشية على مدار الساعة دون غيره..!
فمع تسليمنا بالواقع الاستثنائي الذي نعيشه وإدراكنا لأسبابه ومسبباته، ومع اعتبار أننا نندرج تحت مسمى “المواطن البسيط”، نبين لمن يتبجح ويعطينا المواعظ بركل “الترف” بقصد التزلف والدفاع عن بعض الجهات الحكومية المقصرة والفاسدة، أن يوجه رسالته هذه إلى الطبقة المخملية ولاسيما الدخلاء الجدد إليها من بوابة الأزمة، الذين يصطلح عليهم بـ”أغنياء الحروب”..!
فهذه الطبقة “المترفة حديثاً” هي من يتوجب عليها الابتعاد عن البذخ عبر إقامة الولائم والحفلات بمناسبة وبدون مناسبة، في صالات الفنادق والمطاعم المرصعة بالنجوم، بقصد التباهي والتسابق لحصد أكبر قدر ممكن من إعجابات المدعوين من زملائهم، وحسرات المتابعين لأخبارهم عن بعد عبر مواقع التواصل الاجتماعي..!
فإذا ما أردنا بالفعل التكيف مع الواقع الحالي بإلإطار العام وفق مبدأ التوظيف العادل للموارد المتاحة لتلبية الاحتياج العام، بالتوازي مع قرار الحكومة الأخير “تخفيض استهلاك الوقود بنسبة 25% في المؤسسات الحكومية باستثناء الوقود المخصص للإنتاج”، فلابد من التوجه نحو تخفيض مخصصات المنشآت السياحية من حوامل الطاقة خاصة تلك المفرطة بتقديم خدمات مترفة، بحيث تقدم هذه المنشآت خدماتها الضرورية بالحد الأدنى، فبذلك يتحقق وفراً بالوقود -نعتقد أنه ليس بالقليل- يمكن توزيعه على من هو أكثر حاجة له، ونخفف حدة استفزاز مشاعر المحرومين من عامة الشعب، المتولدة من السهرات العامرة لأولئك المترفين في الفنادق والملاهي الليلية..!
يضاف إلى ما سبق أيضاً تخفيض عدد سيارات المسؤولين الحكوميين والاكتفاء بسيارة واحدة فقط لكل مسؤول، على الأقل في هذه المرحلة الاستثنائية والمفترض أن يكون المنصب فيها “تكليفاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لا تشريفاً”، وهذا أيضاً لا يخفف وحسب من “حالة الاستفزاز” المومأ إليها آنفاً، بل ربما يستميل تعاطف الناس مع الحكومة ويعزز الثقة بها..!
هذا غيض من فيض ما يمكن العمل به في أصعب مراحل الأزمة، وخطوة نعتقد أنها على غاية كبيرة من الأهمية باتجاه “التقشف العام والعادل” لا أن ينحصر الأمر بفئة من المستضعفين، ليبقى التنعم علامة حصرية ومسجلة لطبقة بعينها..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com