إطلاق مسلسل “مسافة أمان” في مؤتمر صحفي
“في هدوء ما بعد الحرب” ثمة ما هو أكثر خطراً من ضجيجها، ربما لا تتهدّدنا رصاصة، وقد لا تنال منا قذيفة، لكن القتال يجعل الناس، من حولنا مهووسين بالنجاة، الكل يبحث عن خلاصه الفردي، تتفكك العلاقات ويصبح رابط الحب أضعف، وهنا تولد حاجة الإنسان لمسافة الأمان تجاه الخطر، فتراه بتجنب الخوض بكل مفردات الحياة، ويحاول أن يبني عموم علاقاته مع المحيط بمنطق “صفر مشاكل” فلا يقترب أكثر من اللازم، لكنه لا يجرؤ في الوقت ذاته على الابتعاد، والتخلي عن دائرته شبه الآمنة.
“مسافة أمان” سلسلة درامية اجتماعية، ذات طابع تشويقي، مؤلفة من ثلاثين حلقة نتابع من خلالها حكايات عدة لشخصيات تتجنب مزيداً من الخسارات وتسعى بخجل، نحو حب هنا، وفعل فرح هناك والهروب نحو المجهول أملاً بالخلاص.
خلال الساعات القليلة المقبلة ستدور في دمشق كاميرا المخرج الليث حجو معلنة انطلاق تصوير مسلسل “مسافة أمان” ثاني إنتاجات شركة “إيمار الشام” لموسم دراما ٢٠١٩. ويعتقد الجميع أن يترك “مسافة أمان” كافية تحميه من الأذيات، لكن ما يقوله العمل يحيلنا إلى خلاصة مختلفة تشبه واقعنا حد التطابق: “مسافة الأمان التي نفترضها، هي وهم أنتجناه لنظن أننا بخير”.
وخلال المؤتمر الصحفي لشركة الإنتاج الذي عقد في الأمس في فندق “الفور سيزن” وحضره المخرج الليث حجو وكاريس بشار وقيس الشيخ نجيب، وديانا جبور ود. رانيا الجبان، ومجموعة من الفنانين المشاركين في العمل ،ورغم تكرار العديد من الأسئلة والتكتم على مضمون العمل خلال المؤتمر وأبطال العمل والمشاركين فيه إلا أننا استخلصنا ما يمكن استخلاصه.
مرآة الواقع
يرى المخرج الليث حجو أن كل عمل درامي سوري ملتصق بالواقع، وعن “مسافة أمان” قال: العمل عبارة عن دراما اجتماعية خالية من ملامح الحرب، يحكي عن الحب والأخلاق والإنسان والأشياء التي تصلح لكل وقت، ولطالما كانت الدراما مرآة للشارع السوري لذلك سنرى في “مسافة أمان” سورية مابعد الحرب.
وعن تغيير العنوان قال مخرج “ضبو الشناتي”: “أرض محروقة” هو اسم العمل الأساسي إلا أنه شكل خوفاً كبيراً من الانطباع التشاؤمي، خاصة أن النص بعيد عن الحرب لذلك قررنا أنا والكاتبة مع الشركة المنتجة تغيير العنوان من “أرض محروقة” إلى “مسافة أمان”.
وعن قائمة الفنانين المشاركين قال حجو: لن يتواجد الفنان عابد فهد في العمل بعد إعلان اسمه بطلاً للعمل، ولم يتم الاتفاق مع المشاركين لغاية هذه اللحظة.
وتأمل شركة “إيمار الشام” بانتشار أعمالها، وعن تسويق الأعمال قالت المديرة التنفيذية للشركة ديانا جبور:
بدون شك انتشار العمل جزء مما تأمله الشركة، وكلما وصل لشريحة أكبر من الجمهور كلما كان تأثيره أكبر وعائده المعنوي أوسع، وهذا ليس على حساب الجمهور السوري وإلا لما ظهرت قناة “لنا”، فنحن لا نتعالى أبداً على الأثر التجاري أو الجماهيري. وبالتأكيد شرط التسويق مرتبط بالظروف السياسية، واعتقد أن هناك حنيناً إلى الدراما السورية التي مازال مكانها فارغاً ولم يمتلئ بعد، والدليل هي المراسلات المستمرة لعدد من المحطات وهذا الأمر يساعدنا في تحقيق البعد المعنوي والفكري والتجاري.
وعن استقطاب باقي الكتاب والأعمال القادمة قالت الإعلامية: نحاول التعاون مع كتاب شباب وتجربة “كونتاك” هي أكبر دليل على هذا الشيء. وفي الحقيقة الشهية مفتوحة للإنتاج الدرامي، ولدينا مشاريع قادمة في استقطاب الدماء الجديدة من أصوات وغيرها، وهناك محاولة لتبني مشاريع سينمائية روائية طويلة للدارسين والخريجين الشباب.
“سراب”
وتقدم الفنانة كاريس بشار أقصى ما لديها لتجسيد الدور المطلوب وعن شخصيتها الجديدة في المسلسل قالت: لا يوجد تقاطع بين شخصية “سراب” في “مسافة أمان” و”هيفاء” في “قلم حمرة” –إخراج حاتم علي-، الظرف مختلف وتفاصيل الحياة مختلفة جداً، وبالنسبة لشخصية “سراب” هي من أصعب الشخصيات خلال مسيرتي الفنية، أما السهل فهو تجسيد شخصية تعاني من مرض نفسي لأنني امتلك مجموعة أدوات ومفردات أوظفها في تجسيدها مع المبالغة أحياناً، أما الشخصية الواقعية أو التي تلامس تفاصيل الحياة فأمر متعب وصعب لأنها تستدعي استحضار الحالة أو الإحساس المؤقت لها. و”سراب” هي مسافة الأمان مع محيطها وحالة مؤقتة بعدم التورط مع أي شخص لأنها موجودة على لائحة الانتظار، وحالة من الخوف الدائم على الفتاة لتأمين مستقبلها، وتمثل 99% من النساء السوريات اللواتي تحولن بنفس الوقت إلى رجل وامرأة في المسؤوليات، فالهم الكبير حملنه على أكتافهن بكل تفاصيل الحياة ابتداء من تصليح “حنفية” المطبخ انتهاء بتربية الصبية. وعن التغييرات في هذه العشر سنوات منذ “سحابة صيف” مع الكاتبة إيمان السعيد والفنان قيس الشيخ نجيب قالت: تغيرنا كأشخاص على مستوى الحياة والمهنة، ودائماً هناك شيء مخيف أن سنوات الحرب مرت بلا ذاكرة بمعنى ليس لدي إحساس بالزمن بسبب الأحداث المكثفة والمؤلمة.
وبين “سحابة صيف” و”مسافة أمان” تغيرت الظروف كثيراً والتغيير سيظهر بعد عرض العمل وعن دوره قال قيس الشيخ نجيب: “مسافة أمان” عمل يتكلم عن التحولات التي تحدث في حياتنا، وكيف يمر الإنسان بمنعطفات تجعله يلجأ لتصرفات لا تشبهه ومعاكسة لشخصيته الحقيقية.
روح الجماعة
وليست هي المرة الأولى التي يتم التعاون بين المخرج الليث حجو ود.رانيا الجبّان، وعن هذا التعاون قالت الجبان:
نعمل كعائلة واحدة، والشراكة مع المخرج الليث راقية جداً رغم الاختلاف بالكثير من النقاط ووصلنا إلى مرحلة الاصطدام، إلا أننا استطعنا إيجاد صيغة مشتركة لنعمل عبرها وتحقيق النجاح، وفي الشركة شرط الاكتمال لأي عمل فني هو روح العمل الجماعي.
جمان بركات