ثقافةصحيفة البعث

شاعرات يُعبّرنَ عن كونهنَّ “ضلعاً قاصراً”!!

سامر خالد منصور

تتباهى كثيرٌ من الأمم بأن المرأة فيها خاضت في كلّ مجالات العمل والإبداع وارتقت أعلى المناصب، بينما يُنظر إلى المرأة في عددٍ من الدول العربية وكأنها ما زالت تدور في فلك الرَجل. ومع الأسف، تؤكد كثيرات من الشاعرات ذلك من حيث لا يَشعُرنَ فتكثر لديهنَّ قصائد الخضوع والاستسلام ونثر الوعود الجميلة بالعطاء للحبيب، سواء أكان حاضراً أم مُنتظراً، وتحسب الشاعرات أن الرهافة والقيم السامية المُتأصِّلة في ذات المرأة تحتاج الرجل دوماً كعامل كاشف، عامل تجلية، وكخابية تسكب فيه كل شواغلها الوجدانية والعاطفية، وبالتالي إن أبعدنا ما فيه “ثيمة الحبيب” من القصائد بالكاد نجدُ شيئاً آخر في مجموعاتهنَّ الشعرية! خلافاً للشعراء الذين يكتبون في كلِّ مناحي الحياة مهما أدمنوا الغزل، ويَعيب النقاد على كثيرٍ من الشاعرات كون أشعارهنَّ ذاتية وعناوين قصائدهنَّ متشابه: “لأنك الفجر، فُراق، متى تعود؟، انتظار، حنين، لأجلكَ”. وفي المقابل نجد شاعراتٍ يكتبن قصائد يتحدين فيها الضعف ويُعلنَّ انطلاقهنَّ وتمردهنَّ وتتشابه وتتكرر العناوين أيضاً، فكثيراً ما نقرأ قصائد بعنوان: “اذهب، لن أنتظرك، أنا عشتار، أنت الخاسر، اخرج من مملكتي”.

والسؤالُ الذي يطرح نفسه هنا: أليس التعاطي بمبدأ ردِّ الفعل إلى هذه الدرجة دليل حضورٍ قوي ومؤثر للرجل برغم أن القصائد تقول ظاهريّاً غير هذا؟ أي أن المجموعات الشعرية التي تزدحم فيها قصائد تحمل مثل تلك العناوين هي أيضاً بشكلٍ أو بآخر تتمحور حول الرجل. وتبقى هناك حالات استثنائية ممن يكتبن أدباً عميقاً سابراً ونذكر منهنَّ الكاتبات والشاعرات السوريات روعة سنبل، ولميس الزين، ووليدة عنتابي، وديمة سرحان..

خلاصة القول إن المجتمعات العربية عموماً لم تنصف المرأة بعد، ولكن على المرأة أن تنتبه إلى ما يتم تأطيرها فيه، وألّا تساهم في تظهير نفسها كـ”ضلع قاصر” خاصة إن كانت أديبة أو شاعرة، ولا عيب في أن تتناول في قصائد لها عواطفها المتنوعة من ضعف وانكسار.. إلخ، لكن المَعيب أن تأتي كل قصائدها توسلاتٍ وأماني ولهفات للحبيب المُنتظر، وكأنها المهزومة التي تنتظر المُخلّص، والتي لا يكون خلاصُها إلا على يده!! وخير ما نختتم به ما قاله نزار قباني في قصيدته “يوميات امرأة لا مبالية”، ولعل القصيدة حملت هذا العنوان في إشارة إلى تقبل شريحة واسعة من النساء إلى التمييز الظالم على أساس “الجندر”، وتكيُّفهنَّ مع ذلك وعدم مُبالاتهن به: “ثُوري على شرق السبايا، والتكايا، والبخُورِ، ثُوري على التاريخ، وانتصري على الوهم الكبيرِ، لا ترهبي أحداً فإن الشمس مقبرةُ النسورِ، ثُوري على شرقٍ يراكِ وليمةً فوق السرير!!”.