أجسام ورسوم!
بات مشهد الأجسام المزدحمة بالرسومات “الوشم” من المشاهد المألوفة والحاضرة بكثرة في ظل المحاولات الدائمة لمواكبة الموضة، والتفاعل مع أية “تقليعة” شبابية جديدة تريد من خلال العلامات الغامضة، والزخارف والرسومات التي توضع على أجسامها، الخروج أولاً عن المظهر المألوف للجسم، وبالتالي حصد المزيد من المعجبين والمعجبات، والتتويج على منصة الإثارة، وثانياً التعبير عن حريتها الشخصية، وأفكارها العصرية التي جعلت من أجسامها مسرحاً للتقليد، والتأثر بالمشاهير والنجوم، وخاصة نجوم كرة القدم والغناء.
ولا شك أن لغة الوشم التي لاقت وتلاقي إقبالاً كبيراً من الشباب دفعت بالكثيرين إلى امتهان هذه المهنة من قبل أشخاص ليست لهم علاقة بالعمل الطبي، وفي أحيان كثيرة يفعلون ذلك بطريقة مقززة ومقرفة وشاذة أحياناً، كما تقوم صالونات ومراكز التجميل بإجراء الوشم دون أي ترخيص قانوني، حيث يتفنن هؤلاء برسم الأشكال على الأجساد مقابل مبالغ مالية كبيرة حسب طبيعة الوشم وحجمه، وذلك بإحداث ثقوب صغيرة بالجلد، تضاف إليها بعد حصول النزيف مواد أو صبغات تكسب الوشم لوناً معيناً، ويصبح ثابتاً، ويدوم لفترة طويلة، وتصعب إزالته، دون الانتباه إلى أن أغلب المواد الكيميائية المستخدمة في الحبر هي صبغات صناعية صنعت لأغراض أخرى مثل دهان السيارات، وتؤدي إلى تلوث دم الإنسان عند ثقب الجلد، فيصبح عرضة للإصابة بأمراض خطيرة، عدا عن الأخطار الصحية الناجمة عن تلوث الأبر المستخدمة في الوشم نظراً لاستخدامها أكثر من مرة، ولأكثر من شخص، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فعملية إزالة الوشم بحد ذاتها عملية بالغة الخطورة!.
نحن من خلال طرح هذه القضية لا نريد مصادرة الحرية الشخصية للشباب، أو كبح جماح الأفكار الشبابية الدارجة في مضمار الموضة والعصرنة، بل نعمل على تكثيف وتوحيد جهود الجميع، سواء الأهل، أو الجهات التربوية والأهلية لوقف هذا المد الفكري الشبابي بأشكاله المرضية البعيدة عن عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا وموروثنا الثقافي والاجتماعي والحضاري، والأقرب إلى الشذوذ والانحراف منها إلى شكل من أشكال الموضة وصرعات العصر، كما ندعو إلى تفعيل وتشديد الرقابة على الأشخاص أو المحال وصالونات الحلاقة، ومراكز التجميل التي تجري الوشم، ووضع عقوبات رادعة كالسجن، بالإضافة إلى فرض الغرامات المالية لكل من يزاول هذه المهنة بطريقة غير شرعية، فهل من مجيب؟.
basherf72@gmail.com