مسعى مضاد لتقويض الصناعة السورية? محال ومولات دمشق الراقية تتحول إلى منافذ لتسويق المهربات! !
بغض النظر عن قيمة الغرامات التي حققتها المديرية العامة للجمارك من القضايا التي ضبطتها خلال هذه الفترة المتجاوزة الـ300 مليون ليرة، إلا أن ما يلفت الانتباه حقيقة هو تورط عدد من أفخم المحلات والمولات التجارية المخملية في وسط العاصمة دمشق، إذ نجد وبموجب بعض الوثائق التي حصلت “البعث” عليها، أن تمركز هذه المحال في مناطق “المزة أتوستراد والفيلات الغربية والشرقية – أبو رمانة – الروضة – كفر سوسة – المالكي – الشعلان – القصاع – الطلياني”، وتبيع مواد وسلعاً مهربة من قبيل: أحذية وألبسة ومواد غذائية وحقائب سفر، ومستحضرات عناية بالجسم والشامبو وسجاد، من منشأ تركي وسعودي ومجهول، وذلك في مشهد يعكس تحول هذه المحال إلى منافذ لتسويق المهربات…!
مستوى متقارب
إذاً فالمواد المهربة تندرج ضمن إطار الكماليات، وزبائنها من الطبقة المخملية غير المبالين بارتفاع الأسعار التي تقض المستهلك المؤطر بالدخل المحدود، وبالتالي لا نعتقد أن ثمة صعوبة بضرب كبار المهربين من حيث المبدأ، كون أن الوصول إلى أصحاب هذه المحال يسهل عملية الوصول إلى من يورد لهم، نظراً لقصر مسافة التعاون بين الطرفين على اعتبار أن مستوى تورطهم متقارب، إذا ما قورن بين كبار المهربين وباعة السجائر المهربة على سبيل المثال لا للحصر، حيث إن هناك العديد من حلقات التواصل بين الطرفين الأخيرين..!
ضغط
كما أنه إذا ما أمعنا التحليل في ما أوردناه من معلومات حول تمركز المحال التجارية آنفة الذكر وزبائنها، نجد أن هؤلاء هم الذين يشكلون ضغطاً بالطلب على الدولار من السوق السوداء، لتمويل مهرباتهم المخملية، على حساب تأكل القوة الشرائية لليرة السورية، وانعكاسها السلبي على ارتفاع الأسعار، وارتفاع مستوى التضخم، لنخلص بالنتيجة أن هذه الطبقة المخملية خاصة الدخلاء إليها حديثاً، وأغلبهم من تجار الأزمة، بدؤوا يعتاشون على قوت المواطن وخيرات البلد، ما يدفع بالمحصلة باتجاه التشدد الصارم لإبادة آفة التهريب وروادها عن بكرة أبيها..!
تهديد
يضاف إلى ما سبق أيضاً ملاحظة أن الألبسة الجديدة -وليس القديمة “البالة”- هي من المواد المهربة، وهذا يعني تهديداً واضحاً للمنتج الوطني المثيل، ولاسيما في ظل ما قطعته صناعة الألبسة والنسيج من خطوات ملحوظة باتجاه توطينها كعلامة سورية وطنية مطلوبة عالمياً، فبدلاً من العمل على دعم تسجيل حضور هذه العلامة السورية في الأسواق العالمية، نجد أن هناك مسعى مضاداً –عبر بوابة التهريب- من خلال إتخام أسواقنا بمنتجات أجنبية لها مثيل محلي..!
حصانة ولكن..!
كما تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن عدم انقطاع أية سلعة –خاصة تلك الفاخرة منها- من أسواقنا يشير بشكل أو بآخر على “الحصانة غير الشرعية” لكبار المهربين، وعلى المديرية العامة للجمارك مقارعة كبار هؤلاء بشتى الوسائل والسبل، ولاسيما إذا ما علمنا أن العديدين منهم لديهم استثمارات إنتاجية في الخارج، ويحجمون عن توظيف أموالهم في المسارات التنموية الإنتاجية في بلدهم، ويوجهونها إلى المشاريع الريعية ذات الربح السريع، بدليل تملكهم عقارات وقصوراً فاخرة لا يزورونها إلا في المناسبات بغية المضاربة بها في حال أتيحت لهم الفرصة، مع أخذهم بعين الاعتبار أن مخاطرة المتاجرة بالعقارات تكاد تكون معدومة..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com