الصفحة الاولىصحيفة البعث

اجتماع طارئ لمكتب تنسيق دول حركة عدم الانحياز سوريـــة تجــــدد دعمهـــا الكامـــل للرئيـس مادورو

هيمنت الأوضاع في فنزويلا والتدخلات الأمريكية في شؤونها الداخلية على الاجتماع الطارئ لمكتب تنسيق دول حركة عدم الانحياز، والذي عُقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، إذ جدّد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، الدكتور بشار الجعفري، دعم سورية الكامل للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، ورفضها القاطع للتدخلات الأمريكية في شؤون فنزويلا، داعياً دول حركة عدم الانحياز إلى اتخاذ موقف موحّد داعم للحكومة الشرعية في فنزويلا، وقال في بيان: إن سورية تدرك المؤامرة التي تجري بحق فنزويلا، وتتفهم ما يجري فيها وغايات أعدائها، فهم يريدون سرقة ثرواتها وتغيير مواقفها الاستراتيجية، لافتاً إلى أن أكثر ما يزعج أعداء فنزويلا هو النزعة الاستقلالية التحررية المتجذّرة في تاريخ هذا البلد، والتي شدّد عليها مؤسسو حركة عدم الانحياز.
وأكد الجعفري دعم سورية الكامل لحكومة الرئيس الشرعي مادورو، وتضامنها مع قيادة وشعب جمهورية فنزويلا البوليفارية في الحفاظ على سيادة البلاد، وإفشال المخططات العدوانية الهادفة إلى تغيير الحكومة الشرعية في هذا البلد، ورفضها القاطع للتدخلات الأمريكية السافرة، مع عدد آخر من الدول، في الشؤون الداخلية لفنزويلا، مبيّناً أن الحوار هو السبيل الوحيد للتوصل إلى حل سياسي يحترم سيادة فنزويلا واستقلالها، وأشار إلى أن سورية على يقين بأن قيادة وحكومة وشعب فنزويلا الذين قاوموا نزعات الهيمنة والغطرسة الأمريكية هم اليوم أكثر قدرة على التصدي لهذه المؤامرة المتجددة وإسقاطها والحفاظ على سيادة البلاد واستقلالها وإعادة الاستقرار إلى ربوعها، مطالباً حركة عدم الانحياز بتفعيل المبادئ العشرة التي قامت عليها الحركة وعدم ترك فنزويلا وحدها ودعم الحكومة الشرعية فيها بقيادة الرئيس مادورو حتى تتمكن من تجاوز الأزمة الحالية التي افتعلتها الولايات المتحدة.
وأوضح الجعفري أن دول حركة عدم الانحياز اتفقت منذ مؤتمري باندونغ وبلغراد على تحقيق عالم أكثر أمناً يسوده السلام والعدالة والتضامن والتعاون، ويقوم على أساس مبادئ احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامة أراضيها والمساواة فيما بينها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والامتناع عن العدوان أو استخدام القوة والتلويح بها وعلى حل المنازعات بالطرق السلمية، وكلها مبادئ تسمى المبادئ التاريخية العشرة المؤسسة للحركة، إلا أن بعض أعضاء هذه الحركة خرجوا عن تلك المبادئ بذرائع واهية تخالف مبادئ الحركة وميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي، ما أدّى إلى التأثير بشكل سلبي في الدور التاريخي لحركة عدم الانحياز.
ولفت إلى أن عدم قدرة حركة عدم الانحياز على فرض مبادئها العشرة في العلاقات الدولية أدّى إلى وقوع ضحايا، وكانت سورية إحداها، لأن بعض دول المنظمة تعاونت مع أعدائها لتدمير سورية، واليوم يرومون الشيء ذاته في فنزويلا تحت ذرائع وحجج واهية، فهم يريدون تدمير فنزويلا، لكنهم سيفشلون مثلما أفشلت سورية مخططاتهم التدميرية.
وشدّد الجعفري على أن التطورات الأخيرة في جمهورية فنزويلا الصديقة لا تشكّل بأي شكل من الأشكال تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وبالتالي فإن هذه التطورات لا تقع ضمن ولاية مجلس الأمن ولا الجمعية العامة للأمم المتحدة، فما يجري فيها هو شأن داخلي إلا أنهم يسعون إلى نقله إلى مجلس الأمن بحجة أن الوضع في فنزويلا يهدّد السلم والأمن الدوليين، وبيّن أن أكبر مشكلة تواجه حركة عدم الانحياز اليوم أنها نسيت أنها كانت في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي أهم حركة سياسية في الأمم المتحدة والعلاقات الدولية، ثم حدث ما حدث نتيجة سكوت البعض على غزو العراق وعلى ما حصل في ليبيا وعلى نهب ثروات وأموال إفريقيا ودول أمريكا اللاتينية، مؤكداً أنه لو كانت الحركة قوية لما استطاع أحد أن يتطاول على أي دولة من أعضائها.
وقال الجعفري: لقد حان الوقت أكثر من أي وقت مضى لأن يعمل المجتمع الدولي على كبح جماح بعض المتهورين الذين عرّضوا العلاقات الدولية مراراً وتكراراً إلى كوارث ومصائب منذ تأسيس منظمة الأمم المتحدة من خلال استغلال عضويتهم الدائمة في مجلس الأمن لتمرير أجنداتهم الاستعمارية، محذّراً من أنه إذا لم يتداعَ المجتمع الدولي إلى إيقاف هذا العبث الذي يمارس من هؤلاء المتهورين فإن ذلك سيؤدي حكماً إلى وأد هذه المنظمة في ظروف مشابهة لتلك التي أدّت إلى وأد سالفتها عصبة الأمم، وجدّد مطالبة سورية الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز بالإعراب عن تمسكهم بمبادئ الحركة وفقاً لما تداعى إليه المؤسسون في مؤتمري باندونغ وبلغراد من خلال إصدار موقف موحّد داعم للحكومة الشرعية في جمهورية فنزويلا البوليفارية.
وأشار الجعفري إلى أن مجلس الأمن اعتمد حتى الآن 30 قراراً حول الأزمة في سورية، وكل هذه القرارات تؤكد على استقلال الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية، إلا أن العديد من الدول التي صوّتت لمصلحة تلك القرارات كانت أول من انتهكها، متسائلاً ماذا تفعل القوات الأمريكية والفرنسية والبريطانية والتركية في سورية، إذاً فالمشكلة أن هذه الدول تستخدم الأمم المتحدة لخدمة أجنداتها التدخلية وتحقيق مصالحها على حساب مصالح الشعوب والدول.
من جانبه، أدان السفير الإيراني لدى منظمة الأمم المتحدة إسحاق آل حبيب التدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية لفنزويلا، مشدّداً على أن التطورات الراهنة في فنزويلا قضية داخلية لا تشكّل تهديداً للسلام والأمن الإقليمي والدولي، وقال خلال الاجتماع: إن “أي إجراء خارجي لا يمكن أن يتم دون موافقة صريحة من الحكومة الفنزويلية”، مشدّداً على أنه ينبغي على حركة عدم الانحياز أن تعارض بقوة محاولة أمريكا استغلال مجلس الأمن لتمرير سياساتها اللاشرعية، وأشار إلى أن الولايات المتحدة خلقت أزمة اقتصادية في فنزويلا، وهي تستغل هذه الأزمة ذريعة لتبرير عدائها لهذا البلد، في حين أنه لا يوجد أي شيء يبرر التدخل في شؤون الدول الأخرى، موضحاً أن أمريكا تريد من وراء إجراءاتها الحفاظ على مصالحها في هذه المنطقة التي تعدّها بمنزلة فنائها الخلفي، وتتابع من أجل الوصول إلى أهدافها هذه سياسة الانقلاب المدني لإسقاط حكومة منتخبة على أساس الدستور والديمقراطية، وأكد أن الهدف النهائي للولايات المتحدة من وراء ذلك هو الهيمنة على نفط فنزويلا، واصفاً سياسات أمريكا تجاه فنزويلا بأنها عدائية ومتغطرسة واستفزازية ومزعزعة للاستقرار، وأنها تعدّ انتهاكاً واسعاً للمبادئ الأساسية للحقوق الدولية وخاصة المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف: إن “إيران تدين بأشد العبارات هذا الانتهاك الواسع للقواعد الدولية من قبل أمريكا، وهي تدعم بقوة حق الحكومة والشعب الفنزويلي في اتخاذ القرار حول كيفية معالجة الوضع الراهن من دون أي تدخّلات أجنبية”.
وخلال مؤتمر صحفي عقده في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أكد وزير الخارجية الفنزويلي خورخي أرياسا أن بلاده لا تشهد أزمة إنسانية، بل تشهد “حصاراً اقتصادياً تفرضه الولايات المتحدة”، مجدّداً تأكيده أن الولايات المتحدة “تستخدم المساعدات كأداة سياسية بهدف تغيير النظام”، وتساءل: “هل يمكن لحكومة تهدّدك باستخدام القوة وبحصار، وتعطي أوامر لدول أخرى بحصارك، أن تقدّم لك مساعدة إنسانية، إنها حكومة معادية تقتلك ثم تريد مساعدتك”.
وفي السياق، دعا وزير خارجية كوبا برونو رودريغيز إلى الحفاظ على السلام في أمريكا الجنوبية وتجنّب الاستخدام غير المبرّر للقوة ضد فنزويلا، وأكد أن “المطامع والخطط التي تقودها شخصيات غير مسؤولة في الحكومة والكونغرس في الولايات المتحدة ضد دول أمريكا اللاتينية تعتبر استفزازاً خطيراً يهدف إلى تحقيق ما لم يستطيعوا الحصول عليه بالقوة”، وطالب بدعم آلية مونتيفيديو، التي تم تأسيسها من المكسيك والأوروغواي وبوليفيا ومجموعة كاريكوم، والعمل على التوصل إلى حل سياسي وسلمي للأزمة التي تمر بها فنزويلا والتي تنصّ على عدم التدخل في الشؤون الداخلية والمساواة القانونية بين الدول والتسوية السلمية للنزاعات.
وتتعرّض فنزويلا لمحاولات التدخل الأمريكي في شؤونها الداخلية وزعزعة استقرارها عبر دعم القوى اليمينية في محاولة مستميتة من واشنطن لإحياء مخططاتها للهيمنة على هذا البلد الذي يمتلك ثروات نفطية هائلة والانقلاب على الرئيس الشرعي باستخدام جميع الوسائل بما فيها العنف والفوضى.
وفي أول حديث لقناة عربية، أكد الرئيس مادورو في مقابلة خاصة مع قناة الميادين، أن الولايات المتحدة تريد وضع يدها على فنزويلا والاستيلاء على ثرواتها، وقال: إن “النائب المعارض الذي أعلن نفسه رئيساً، إنما ينتهك الدستور وسوف يمثُل أمام العدالة عاجلاً أم آجلاً”، موجّهاً رسالة إلى الشعوب العربية والإسلامية دعاهم فيها إلى التضامن مع فنزويلا، وأوضح أن الأزمة في بلاده هي من صنع واشنطن وبدعم من الحكومات التابعة لها في الغرب.
وفي الوقت الذي لفت فيه إلى أن ما يحدث في فنزويلا أزمة ملفقة لتبرير سيناريو “التدخل الإنساني”، شدّد على أن أميركا لا يمكنها أن تفعل بفنزويلا ما فعلته في العراق وليبيا، وأضاف: “لا يمكنهم الادعاء بأن مادورو لديه أسلحة دمار شامل، كما فعلوا في العراق، ولا يمكنهم أن يختلقوا مجازر هنا كما فعلوا مع ليبيا، لذلك ابتدعوا أزمة ذات هدف ظاهري نبيل بين قوسين، من أجل تحقيق التدخل الإنساني، ولكن الهدف واحد: السيطرة على فنزويلا، وإخضاعها، والاستيلاء على ثرواتنا الطبيعية”.