الأزمات تطارد الحكومة البريطانية
صفعات جديدة تلقتها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس مع تفاقم تداعيات اتفاق الانسحاب من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، فما كاد خبر تهديد شركة فورد الأمريكية لصناعة السيارات بنقل أنشطتها الإنتاجية إلى خارج بريطانيا ينتشر حتى ظهرت تصريحات منسوبة لكبير المفاوضين بشان “بريكست” اولي روبنز، وهو يكشف عن خطة سرية لإجبار النواب في مجلس العموم على الاختيار بين اتفاق معدل للانسحاب من التكتل الأوروبي أو تآخي هذه العملية إلى مدة طويلة.
الأزمة الجديدة التي تواجهها ماي بسبب “بريكست” الآن جاءت وعلى نحو غير متوقع نتيجة ثرثرة روبنز كبير مستشاريها بشأن الاتفاق المذكور، حيث أوضحت قناة “أي تي في” التلفزيونية البريطانية أنها تنصتت على حديث روبنز مع زملائه في بروكسل، حيث قال لهم: إن الاتحاد الأوروبي سيسمح لبريطانيا على الأغلب بتأجيل تاريخ انسحابها المحدد يوم الـ 29 من آذار المقبل، مشيراً إلى أنه في حال لم يصوت النواب البريطانيون الذين رفضوا بأغلبية ساحقة الاتفاق الذي توصلت اليه لندن مع بروكسل لمصلحة اتفاق انسحاب معدل، فسيتأخر “بريكست” لمدة طويلة.
وفي ظل تخبطها لاحتواء الفضيحة الجديدة التي تسبب بها روبنز، ولا سيما بعد الانتقادات اللاذعة التي وجهها نواب مجلس العموم سارعت ماي إلى نفي ما نقلته قناة “أي تي في” مصرة على موقفها السابق بأن بريطانيا ستغادر الاتحاد، كما هو مخطط له بحلول نهاية آذار المقبل.
بدوره، نفى وزير شؤون عملية “بريكست” ستيفن باركلي أن تكون التصريحات التي نقلت عن روبنز تعكس سياسة الحكومة البريطانية الرسمية، قائلاً: نحن ملتزمون بالمغادرة، وليس من مصلحة أحد أن يكون هناك أي تمديد دون أن تكون الأمور واضحة.
إلى ذلك، أعلنت المفوضية الأوروبية على لسان المتحدث باسمها مارغاريتيس شيناس أن بريطانيا لم تطلب تأجيل اتفاق خروجها من الاتحاد، وأن أي تمديد لمدة التفاوض قبل الانفصال لا يمكن أن يكون مفتوح المدة، مشيراً إلى أن قوانين التكتل الأوروبي لم تضع موعداً نهائياً للندن لطلب تمديد المادة 50 المتعلقة بعملية الخروج والتي يجب أن تحظى بموافقة جميع أعضاء الاتحاد الآخرين دون استثناء لاعتماد الاتفاق.
وكانت ماي طلبت أول أمس من نواب مجلس العموم منحها مزيداً من الوقت لتعديل الاتفاق، مشيرة إلى أنها ستجري مباحثات جديدة مع بعض قادة الاتحاد الأوروبي طيلة هذا الأسبوع، بينما اتهمها زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن بممارسة لعبة الوقت لعدم ترك خيار أمام النواب مع اقتراب موعد الاستحقاق، وبالتالي إجبارهم على تأييد الاتفاق الأول الذي وصفه بالمليء بالثغرات بهدف تجنب سيناريو الخروج من دون اتفاق.
وانعكست حالة الانقسام وعدم الاستقرار التي تشهدها بريطانيا بسبب بريكست على الوضع الاقتصادي المتقلقل، حيث أظهرت بيانات جديدة هبوط الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا خلال الربع الأخير من العام الماضي إلى معدل فصلي بلغ 0.2 بالمئة إضافة إلى تضرر الصادرات البريطانية بسبب الضعف العالمي وتنامي قلق المستهلكين والشركات في غياب خطة للانفصال البريطاني عن الاتحاد الأوروبي.
هذا وحذرت شركات صناعة سيارات ومصنعون آخرون من تداعيات انفصال بريطانيا دون اتفاق بما في ذلك ارتفاع الرسوم واضطراب سلاسل الإمدادات وتهديدات تحدق بالوظائف.
وبانتظار الـ 29 من آذار المقبل تتخبط رئيسة الوزراء البريطانية ما بين إقناع النواب بخطتها وتهدئة الشارع البريطاني المتوتر من عواقب الانسحاب دون اتفاق وبين الصدمات المتتالية التي يتلقاها الاقتصاد البريطاني وتخوف المستثمرين.