مؤشرات غابت عن عين الوزارة وحضرت في يوميات المواطنين ازدحام على كوات الأفران بالتوازي مع تدني جودة الرغيف.. والمعالجات سطحية !!
لا تزال ظاهرة الازدحام على الأفران عصيّة على الحل في أغلب المحافظات، في ظل تمسّك وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بآليات قد تكون مجدية اقتصادياً، إلا أنها مست بشكل أو بآخر كرامة المواطن، هدفت من خلالها لوقف الهدر العام في المخابز ومكافحة التهريب والمتاجرة بمادة الطحين التمويني المدعوم، ليتمخض عن هذا التوجّه تقليص مخصصات الأفران من الطحين علّها تحصر الحاجة الفعلية للأفران، ولتنعكس بالنتيجة وبشكل ملحوظ على نقص إنتاج مادة الخبز؛ مما جعل تأمينه هاجساً يومياً للعديد من الأسر، يمكن لحظه عبر الازدحام الكبير على كوات الأفران.
بعيداً عن الواقع
ويبدو أن المعنيين يرفضون ملامسة الواقع والاعتراف بوجود الاختناقات، إذ بيّن مدير عام الشركة العامة للمخابز جليل إبراهيم أنه لا وجود للازدحام إلا في بعض المناطق، وأن الأفراد يزدحمون خلال أوقات معينة فقط. ولم يغرد إبراهيم خارج سرب الوزارة، إذ نفى أن يكون هناك نقص في المخصّصات، وإنما ضبط للكميات الموزعة على الأفران، كما نفى تحديد ربطة واحدة للأسرة في المناطق التي لا يوجد فيها أفران، والعائدة حديثاً إلى سيطرة الدولة، لافتاً في هذا السياق إلى ورود العديد من الشكاوى، مبيناً أن هناك حداً أعلى فقط للبيع محدّداً بثلاث ربطات، وهي كمية كافية بحسب قوله لأية عائلة مهما كبُر عدد أفرادها، وهنا يمكن القول إن هناك العديد من الأفران تقوم بتحديد مبيع ربطة لكل فرد، في حين يتمّ بيع كميات كبيرة لبعض الأشخاص الذين يتاجرون بها على مقربة من الفرن وعلى مرأى من أصحابها بأسعار مضاعفة.
غياب التشاركية
ورغم معاناة العديد من المناطق من نقص عدد المخابز والأفران واضطرار المواطنين لرحلة بحث وانتظار طويلة للحصول على الخبز، إلا أنها تبدو لاتزال مواضيع “قيد الدراسة” على طاولة الوزارة ولم ترتقِ إلى أولويات ملحة، إذ بيّن إبراهيم أن تكلفة إنشاء مخبز واحد يقارب 200 مليون ليرة، ولا تزال أولويات الأزمة تتصدّر خطط العمل، مع الإشارة إلى قيام الوزارة بإنشاء مخبز متنقل إسعافي للحالات الطارئة، لدى تعذر إنشاء مخبز دائم يفي باحتياجات المنطقة. ووشى حديث إبراهيم عن غياب دور الشركة في رفع أية مقترحات لإنشاء مخابز في المناطق المحتاجة، رغم ملامستها لحاجات المواطنين والمناطق، إذ بيّن أن مديرية الموارد والأمن الغذائي في الوزارة هي الجهة المخولة بتحديد الاحتياجات من الأمن الغذائي، وعندما ينأى القطاع الخاص عن الترخيص في المناطق التي تحتاج إلى المخابز تقوم الوزارة بدراسة هذه المناطق واحتياجاتها.
مازالت تجربة
وفي سياق آخر بيّن مدير الشركة أن تجربة تصغير الرغيف والتي بدأت بها الوزارة أواخر العام الماضي لا تزال ممتدة لغاية الشهر الخامس، إذ ستقوم الوزارة بدراسة وقياس أثر هذه التجربة على المواطنين والمخابز لبيان مدى كفاءتها في تخفيف الهدر العام للدولة والمواطنين وانعكاسها على الاقتصاد الجمعي، مؤكداً أن نجاح التجربة وتعميمها يحدّدها إقبال المواطنين عليها، نافياً أن تكون بداية لرفع الدعم عن المادة، بل يمكن اعتبار هذه التجربة أحد المسارات الساعية لتحسين جودة الرغيف من حيث آلية عملها، والتي تنتج خبزاً أجود ضمن الآلات المستخدمة فيها بحسب تعبيره.
بشرية وفنية
لكن مع يقيننا وتأكيدنا على أن جودة رغيف الخبز هي إشكالية حقيقية لا تحلّ بتصغير أو تكبير حجم الرغيف، وإنما باعتماد آلية تضمن الجودة المطلوبة لهذه المادة، أصرّ إبراهيم على أن الإشكالية تتمثّل بالعامل البشري والذي تؤثر سلوكياته بشكل عام على نظافة المادة المقدمة، عازياً تدني الجودة إلى قلة الاهتمام بالنظافة وتدني مستوى إدراك العامل، حيث أكد أن يومية العامل لا تتجاوز 500 ليرة، وهي مع غياب الحوافز التي تتلاءم مع طبيعة العمل والجهد المبذول تؤدي إلى الإهمال وعدم مراعاة الشروط الأساسية في عملية الإنتاج، كما لفت إلى وجود نقص كبير في الفنيين والمختصين بمراقبة عملية الخبز، إلا أنه وخلال حديثه أشار إشارة سريعة إلى نوعية مادة الطحين المستخدمة والتي يتخللها شوائب كثيرة تساهم في تدني الجودة.
خلاصة القول
إن المادة الأساسية لجميع السوريين يجب أن تتصدر اهتمام الجهات المعنية سواء لجهة تأمينها بعيداً عن تخفيض مخصصات الأفران، والبحث عن بدائل حقيقية للحد من تهريب الطحين المدعوم عبر تشديد الرقابة وفرض عقوبات رادعة تمنع المتاجرة والهدر العام، إلى جانب المحافظة على جودة الرغيف والتي تعتبر أس مكافحة الهدر المنزلي وضمان انسياب المادة عبر قرارات تسمح للمحلات التجارية ببيعها ضمن تسعيرة موحدة تناسب الجميع وتخفف من الازدحام على الأفران والمخابز.
فاتن شنان