بذريعة “داعش”!!
تبحث الولايات المتحدة الأمريكية عن طرق لتجديد وجودها العسكري في العراق كوسيلة لـ “مراقبة إيران”، وفق ما أكد الرئيس الأمريكي بنفسه في مقابلة أجريت معه مؤخراً. وقد زار ترامب قاعدة عين الأسد الجوية في غرب العراق بمناسبة عيد الميلاد، وهناك أكد أن الولايات المتحدة ستستخدم “القاعدة العسكرية” لمراقبة أماكن مختلفة من الشرق الأوسط، ما يؤكّد أيضاً الأهداف والأغراض الرئيسية لبعثة الناتو الجديدة في العراق.
بطبيعة الحال، فإن الحجة لإعادة انتشار القوات الأمريكية جاهزة في العراق، وهي التهديد بإحياء “داعش”. والسؤال الذي يجب طرحه هنا كيف يمكن أن يجدّد “داعش” نفسه في الوقت الذي تنشر فيه الولايات المتحدة أكثر من 5000 جندي فقط في “عين الأسد” أو في أربيل في شمال العراق؟ إذاً هل الولايات المتحدة نفسها هي من يسمح بإعادة التشكيل أو تقديم التسهيلات لاستعادة قوة “داعش”؟.
يرى مراقبون أن إعادة نشر الولايات المتحدة لقواتها العسكرية بحجة قتال “داعش” في العراق ليست إلا ذريعة للحفاظ على نفوذها العسكري في الشرق الأوسط. لقد كانت الاستخبارات وأوساط البنتاغون في قلب تشكيل هذا التحوّل، وقد أبلغ دان كوتس مدير الاستخبارات القومية الأمريكية لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ مؤخراً أنه “رغم تلقي داعش هزيمة كبيرة في العراق وسورية، فقد عادت المجموعة إلى حرب العصابات بينما تستمر في التخطيط للهجمات ودعم مؤيديها في كافة أنحاء العالم”.
لكن “الكشف” مؤخراً عن حشد “داعش” في العراق جاء من وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاغون، في تقرير المفتش العام إلى الكونغرس الأمريكي، الذي أشار إلى أن “داعش” يعمل الآن على تجديد الوظائف والقدرات الرئيسية في العراق بشكل أسرع من سورية، وبسبب ما يسميه التقرير عدم وجود ضغوط لمكافحة الإرهاب يمكن للولايات المتحدة بالتالي نشر قواتها في العراق.
ويُظهر التقرير، الذي يتناقض بشكل كبير مع مزاعم الرئيس الأمريكي حول هزيمة “داعش” في سورية، أن التنظيم “كقوة صلبة” لا يزال يجتذب ما يقدر بنحو 50 مقاتلاً أجنبياً جديداً كل شهر، ولا يزال يحقق إيرادات في سورية من خلال “تهريب النفط”، ويستخدم التكتيكات بما في ذلك العبوات الناسفة والاغتيالات لاستهداف الحكومة العراقية، فضلاً عن السطو وغسل الأموال لجني الإيرادات.
إلا أن الملحق السري للتقرير، يخبرنا عن جزء آخر للقصة، وهو التحويل التكتيكي للتحالف الغربي لمراقبة إيران، ومن خلال التقرير يظهر أن كبار المسؤولين في وزارة الدفاع يدفعون الرئيس الأمريكي والكونغرس لقبول “الحقيقة” بأن العراق يجب أن يكون القاعدة الجديدة للعمليات الأمريكية في المنطقة.
وعلى الرغم من الرفض القاطع للقيادة العراقية بالسماح للجيش الأمريكي بإعادة الانتشار، إلا أنها لا تستطيع السيطرة على الأنشطة السرية للقوات الأمريكية، والتي تتبع في جزء كبير منها “قوات العمليات الخاصة”.
وبالتالي تسعى الولايات المتحدة لأن تُبقي المنطقة غير مستقرة ومتقلبة، حيث تستمر القوات الأمريكية، ويستمر إرهابيو “داعش” في التحرّك بطريقة منسجمة بسلاسة، وبين ادعاءات هزيمة “داعش” وتقارير عودته تكمن حقيقة إبقاء المنطقة عرضة للاضطراب، وما يمكن أن يحدث- كما هو الحال دائماً – لا شيء سوى تعطيل عدم القضاء على “داعش” و” فتح جبهة جديدة ضد إيران”.
سمر السمارة