اقتصادصحيفة البعث

تلف النقد الورقي بين سوء التصنيع وسوء الاستخدام

 

 

ليس غريباً أن يتعرض النقد الورقي للتلف بعد مدة زمنية من استخدامه، ولكن من المفترض ألا تكون هذه المدة قصيرة، كما هي حال بعض أوراقنا النقدية، إذ من اللافت للانتباه ظهور الحاجة الماسة لاستبدال بعض أنواع نقدنا الورقي، بأنواع جديدة، بعد فترة قصيرة مضت على استخدامها، هذا الاستبدال أغلبه ناجم عن حدوث تلف كبير في الورقة النقدية، أو نتيجة ظهور أوراق نقدية مزورة مماثلة للورقة الرسمية، يصعب على المواطن العادي كشفها، ما يتيح بقاءها قيد التعامل طويلاً، ريثما يتم كشفها عبر أمناء الصناديق المصرفية ومحاسبي الإدارات، أو الأفراد الذين يملكون تقنية هذا الكشف، ما يشكل المزيد منها خطراً على الاقتصاد الوطني.
من المؤكد أن تسارع تلف الورقة النقدية، أكان ذلك نتيجة استخدامها المديد أو نتيجة سوء استخدامها الآني، يتوقف على نوعية المواد المصنعة منها هذه الورقة، كما أن إمكانية تزويرها تعود بعض الشيء لنوعية موادها، أو على الأغلب تعود بشكل كبير لكفاءة التقنيات الفنية المعتمدة في التصنيع، ولا جدال أن وجود المزيد من الأوراق النقدية التالفة أو المزورة، يوجب المسارعة لتبديلها بنموذج جديد، ولا جدال أن الخزينة العامة للدولة ستتحمل نفقات باهظة جراء إصدار نوع جديد من فئة نقدية أو أكثر، هذه النفقات، التي كان من الأوجب أن تخصص لجوانب أكثر أهمية.
واقع الحال يظهر أن كلتا الحالتين /ضعف أو سوء التصنيع، مع سوء الاستخدام/ موجودتان لدرجة ما، ما يؤسس لحدوث حالتي التلف السريع والتزوير، ولكن السؤال المشروع؟ هل ضعف أو سوء التصنيع يعود لسوء الجهة المصنعة، المتمثل بعدم استخدامها أو عدم امتلاكها لأفضل نوعية من المواد المكونة للورقة النقدية، والتي تمكِّن من إطالة عمر استخدامها وصعوبة أو استحالة تزويرها، أو لإغفالها أو عدم امتلاكها لأفضل تقنية، تمنع أو تخفف من إمكانية التزوير، أم أن الجهة الرسمية المتعاقدة على إنتاج هذه الأوراق، هي المخلة في ذلك، أكان ذلك من خلال مضمون عقدها الذي يتضمن مواصفات متدنية، أم نتيجة الغش الحاصل في تنظيم عقد تصنيع الأوراق النقدية بينها، وبين الجهة المصنعة، من خلال إدراج شروط عقدية شكلية باتفاق الجهتين على أن يكون التنفيذ بأقل نوعية منه، خاصة أنه من المؤسف أن نسبة غير قليلة من العقود لا تخلو من هكذا حالات.
وهنا من الضروري ألا نغفل أن أغلب التلف الحاصل في النقد الورقي لا يعود لضعف أو سوء التصنيع، بل إنه ناجم عن سوء الاستخدام المتمثل باعتماد الطي العشوائي له، لدى أكثر مستخدميه، أو يضعون عليه بعض الكتابات، وكان من اللافت للانتباه تقيد الكثيرين بتلك التحذيرات، التي تم التذكير بها، بخصوص اجتناب الاستخدام السيئ للأوراق النقدية ( فئات المئتين والمئة والخمسين ليرة ) المطبوعة عام / 2009 /، عقب صدورها، ولكنّ كثيرين تناسوا هذا التحذير لاحقاً؛ ما تسبب في تلف الكثير من الأوراق النقدية، والتي بعضها الآن قيد التبديل / فئة الخمسين ليرة /، علماً أنه لازالت توجد أوراق قديمة من نفس الفئات الثلاث قيد التبادل، علماً أن أعداداً غير قليلة من فئة الألف ليرة المطبوعة عام / 1997 / لازالت قيد الاستخدام، رغم ظهور الألف الجديدة المطبوعة عام / 2013 /، وأيضاً لا زالت ورقة الخمسمئة ليرة المطبوعة عام / 1998 /، قيد التداول رغم ظهور الورقة الجديدة المطبوعة عام / 2013 /.
إن تخفيف الحاجة لطباعة نماذج أوراق نقدية جديدة، تحمل الاقتصاد الوطني تبعات ذلك، يوجب الحرص على المزيد من جودة تصنيع الورقة النقدية، بالترافق مع التوجيه لاعتماد اقتناء كل فرد لظرف بلاستيكي – توفره الصناعة المحلية لائقاً ومتيناً- يمكن من توضيب الأوراق التي يحملها بشكل مرتب، والتحذير من أية كتابات عليها، وأن تعتمد المصارف عدم قبول الأوراق التي يثبت أن تلفها يعود لسوء الاستخدام، وتحذر من تداول الأوراق المزورة، وتسارع في الإعلام عنها.

عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية