توحيد المصطلحات والتواصل الثقافي واللغوي في مؤتمر مجمع اللغة العربية
دعا د. موفق دعبول الذي ترأس الجلسة في اليوم الثاني من أيام المؤتمر السنوي العاشر لمجمع اللغة العربية الذي حمل عنوان”واقع اللغة العربية في عصرنا الحاضر” إلى الفصل بين المواقف السياسية والمواقف الثقافية واللغوية، والتواصل بين المجمعيين بمعزل عن السياسية، وأشاد بدور الإعلام الذي قرب المسافات بين لهجات الدول العربية.
ونوّه د. دعبول إلى التفاؤل بواقع اللغة العربية في سورية والوطن العربي، داعياً إلى تمثل الإيجابيات بعيداً عما وصفه بالروح التشاؤمية التي نمت عنها الأبحاث، مشيداً بدور المؤسسات والمنظمات التي تهتم بالحفاظ على لغتنا العربية.
التشويش والالتباس
وقرأ د. بشير مصطفى البحث الذي أعدّه د. بكري محمد الحاج بعنوان”المصطلحات اللسانية في مقررات كليات اللغة العربية وأقسامها بالجامعات السودانية: “الواقع والمأمول” فبدأ بمفهوم علم اللسانيات وفروعه المتعددة التي يختص كل منها بناحية جزئية من نواحي اللغة، فإضافة إلى العلوم المعنية بالأصوات والدلالة توجد علوم في الدراسات البينية مثل اللسانيات التطبيقية والاجتماعية والحاسوبية والأدبية وغيرها، ثم ناقش واقع استخدام المصطلحات اللسانية في محتوى مقررات اللسانيات، في جامعات السودان، ثم بيان مشكلات استخدامها واقتراحات التغلب عليها، والمحور الهام هو أن اختلاف الترجمات للمصطلحات اللسانية التي وردت في عينة البحث سببت التشويش والالتباس على الطلاب والباحثين.
وتميز البحث بالمنهج الوصفي والتحليلي للمصطلحات اللسانية وورودها في عينة البحث، ليصل إلى توصيات منها أن يكون لمجمع اللغة العربية السوداني إسهام في معالجة مشكلة المصطلح اللساني وتوحيده عن طريق دائرة المصطلحات والترجمة.
وعاد د. محمد حوّر من الأردن ببحثه”التعريب في الوطن العربي –من وهم الحقيقة إلى حقيقة الوهم”-مجمع اللغة العربية الأردني نموذجاً إلى تاريخ التعريب منذ صدر الإسلام ليصبح من القضايا التي شغلت العرب منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى بعد زوال الدولة العثمانية، ومن ثم إنشاء المجامع العربية، وتعريب المصطلحات، فأقر المجمع عدداً من المصطلحات وحرص على تزويد المجامع العربية بما يصدره، ودعم حركة التأليف والترجمة والنشر والكتب العلمية، كما عمل على استضافة مؤتمر التعريب الخامس، واستضافة ندوة الرموز العلمية التي دعا إليها اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية. وتابع عن الاهتمام بالمواسم الثقافية التي يقيمها المجمع، لينهي بحثه بأن الصدى كان باهتاً على الصعيدين الوطني والقومي، وعن انفصام في الشخصية العربية وفي التعليم بالجامعات العربية الخاصة، ليخلص إلى أنه الوهم الذي نعيشه في كل قيمنا.
تهميش الخطاب بالعربية
ومن مصر ألقى د. حافظ شمس الدين بحث د. أحمد قدور بعنوان” من مشكلات المصطلح اللساني” واستهل الحديث برؤيته لواقع تراجع اللغة العربية في جميع المراحل مما يدعو إلى الأسى، لاسيما أن من يتحدث باللغة العربية قلة مما يدل على تهميش الخطاب بها، ليصل إلى أن واقع اللغة العربية يثير القلق، إذ حلت اللغة الدارجة مكانها وتسربت المفردات الأجنبية للغة الخطاب.
ثم بدأ بموضوع البحث بمسائل تتصل بآثار اللسانيات وتطبيقها فاللسانيات اتخذت سبلاً مختلفة في دخولها إلى علوم اللغة كالاقتباس والترجمة والاستمداد والتأليف الخالص، وبالمصطلحات التي تعد مفاتيح العلوم، والدلالة العلمية للمصطلح هي الغاية القصوى للباحث لذلك يجب أن تكون محددة، ومن اضطراب دلالة المصطلح اللساني عدم التفريق بين المصطلح وحدوده من جهة والتعريف العلمي أو الشرح والتفسير من جهة أخرى، وتوقف عند ضرورة تولي مجامع اللغة العربية التي بدأت بالمصطلحات العلمية منذ نحو قرن من الزمن لاسيما مجمع اللغة العربية عملية الانتخاب والتصنيف والتوحيد، مشيداً بقدرة اللغة العربية على الاشتقاق والتوليد والتعريب.
لغة قانونية
واسترجع د. عبود السراج في بحثه “المصطلح القانوني ومشكلاته” بدايات الجامعة التي تعود إلى عام 1901والتدريس بكلية الحقوق والطب باللغة العربية منذ ذاك الزمن، ونوّه من خلال تدريسه الجامعي إلى تفشي الأخطاء النحوية واللغوية في إجابات الطلاب في الامتحانات، ليصل إلى الأمر الهام وهو تعزيز اللغة العربية بتدريس مقرر اللغة العربية في الكليات، ومنها كلية الحقوق، ثم بدأ بحثه باللغة القانونية التي هي لغة اختصاص لاحتوائها على كم هائل من المصطلحات والمفردات والعبارات الخاصة بها، بعضها مشتق من اللغة الوطنية، وبعضها مقترض من لغات أجنبية، حينما يترجم المتخصصون نصوصاً قانونية من تلك اللغات إلى اللغة الوطنية، وناقش مشكلات المصطلح القانوني المتمثلة بالأخطاء النحوية أو الاستعمالات غير الصحيحة لغوياً.
والمشكلة الثانية بترجمة عدد غير قليل من المصطلحات القانونية من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية. ليصل إلى أهمية توحيد المصطلحات القانونية وإيجاد لغة قانونية عربية مشتركة يفهمها الجميع.
الاتفاق على المنهجية
وقدم د. موفق دعبول ورقة عمل بعنوان”المصطلحات العلمية ومشكلاتها” مبتدئاً بتعريف الاصطلاح بأنه اتفاق طائفة على شيء مخصوص ولكل علم اصطلاحاته، وبيّن ضرورة الاتفاق على منهجية وضع المصطلح، إذ نشر أبحاثاً وكتباً عن منهجية العمل في المصطلحات، وبذل جهوداً في تعريب دوائر الدولة بعد الاستقلال مباشرة، كما عمل المجمع على العناية بالتراث، وإعداد المعاجم العلمية، وتعمل اللجان العلمية الأخرى على إصدار معاجم في علوم متعددة مثل معجم الجيولوجيا ومعجم البيئة ومعجم الزراعة، وغيرها.
توحيد المصطلحات
وناقش د. دعبول متاعب لجان المجمع بالتعريب وبالتحديد المحافظة على المصطلح الأجنبي عند وضع المقابل العربي له، وتحدث عن دور المؤسسات الأخرى غير المجمع، وأشار إلى دور مركز التعريب في الرباط بإصدار عدد من المعاجم العربية في علوم شتى، وإلى مجمع اللغة العربية في القاهرة الذي أصدر أيضاً عدداً كبيراً من معاجم المصطلحات العلمية العربية. وختم بحثه بضرورة توحيد المصطلحات خدمة للغة العربية.
وفي نهاية الجلسة تحدث د. مروان المحاسني عن دور مجمع اللغة العربية في سورية بتشكيل لجان خاصة لكل علم من الفروع العلمية مثل علوم النباتات والحيوان والزراعة والجيولوجيا لوضع المصطلحات الصحيحة لها.
وركزت د. لبانة مشوّح على إشكالية فوضى المصطلحات في الكتاب الواحد للألسني الواحد من خلال مقابلات عدة للمصطلح الواحد، وتابعت عن عمل لجنة خاصة باللسانيات وسيصدر معجماً لشرح مصطلحات اللسانيات.
ووجه د. سام عمار نقداً لاستخدام مفردة فروض في البحث الذي قدم من قبل مجمع اللغة العربية في السودان، مبيّناً بأن الفروض مفردة تشيع استخدامها في مصر والسودان والخليج وللأسف في سورية وهي جمع فرض، أما الفرضية فهي فكرة يقدمها الباحث ويسعى إلى التجريب عليها، لذلك نقول فرضيات، واستخدام مفردة فروض خاطئ. وطالب د. دعبول ببذل مزيد من الجهود من قبل كل مكونات المجتمع للحفاظ على اللغة العربية.
ملده شويكاني