بمنزلة جريمة يعاقب عليها القانون… “سوء الاستخدام” في التأمين الصحي هدر للمال العام
دمشق – فاتن شنان
اعتبر مدير عام هيئة الإشراف على التأمين المهندس سامر العش سوء الاستخدام في ملف التأمين الصحي بمنزلة جريمة تستوجب المعاقبة القانونية، كونها تساهم في هدر المال العام، وطالب العش في تصريح خاص لـ”البعث” بضرورة إصدار تشريع قانوني للحد من هذه الحالات، التي أدت إلى ارتفاع سعر بوليصة التأمين الصحي من قبل شركات التأمين نتيجة تعرضها لخسائر الاحتيال وتجنباً للمخاطر، ما انعكس بالتالي على انخفاض جودة الخدمات المقدمة، وبين العش أنه بالرغم من عمليات الرقابة والمتابعة إلا أن معالجتها يجب أن تكون بعقوبات رادعة تشمل المؤمن ومقدم خدمة، ويمكن الاستناد في التشريع القانوني إلى دورها في هدر المال العام كون النسبة العالمية في سوء الاستخدام تمثل 8 إلى 10%، فإذا فرضنا وصول النسبة إلى 20% في سورية فهذا يعني هدر 2.8 مليار ليرة من مجمل أقساط التأمين البالغة 14 مليار ليرة إلى جانب انتحالهم شخصية المؤمن.
استطباب خاطئ
في حين طالب المجتمعون في ندوة الاثنين التأميني أمس والتي تمحورت حول تأثير حالات سوء الاستخدام على واقع التامين الصحي بضرورة وجود الملف الطبي الإلكتروني وأهمية اعتماده لجهة ما يشكله من مدخل هام لتوثيق الحالة الصحية للمؤمن وما يحتاجه من معالجات في المشافي العامة أو المعالجات الخاصة، إذ يمكن من خلاله خفض التكلفة المقدمة ومنع التلاعب من قبل الأطباء أو إدارات المشافي في اعتماد استطبابات خاطئة تؤدي إلى تكاليف مرتفعة، وفي هذا السياق طرح أحد مديري شركات النفقات الطبية مثالاً عن الاستطبابات الخاطئة الرائجة في سورية والتي تمثلت بارتفاع حالات الولادات القيصيرية والتي بلغت نسبتها نحو 90% من مجمل الولادات ضمن بطاقة التأمين في حين تبلغ نسبتها في معظم الدول ما يقارب 7% فقط، عازياً لجوء الأطباء إلى هذا الاستطباب لتقاضي أجر أعلى، واستثماراً لوقته في معاينات أخرى.
واعتبر اقتراح أتمتة المشافي العامة وحصر التأمين فيها، خطوة أساسية واجبة التنفيذ لتقليص نسب سوء الاستخدام، لاسيما في ظل بقاء معظم مشافي دمشق الخاصة خارج إطار الخدمة، إلى جانب إلغاء الوصفات العابرة واعتماد وصفات الطبية للمشافي ووصفات الأمراض المزمنة فقط ضمن التأمين.
خلل داخلي
لعل ضعف القيمة المالية المعتمدة للمعاينة في التأمين، تعتبر من الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تفشي هذه الظاهرة، إذ لا تزال محصورة بمبلغ 1500 ليرة سورية يتقاضاها الطبيب المشترك بخارطة التأمين الصحي خلال فترة تمتد لشهر أو أكثر لصرفها من شركات إدارة النفقات الطبية، الأمر الذي يحد من دخول الأطباء على هذه المنظومة أو يحرفهم إلى مسار سوء الاستخدام، مما يضاعف خسارة الطبيب داخل المدينة والذي يزوره عدد أكبر من المؤمنين من نظيره في المناطق النائية لجهة الأرباح وارتفاع تكلفة تشغيل العيادة، وهنا بين العش أن الهيئة بصدد التنسيق لإقامة ورشات عمل طويلة مع نقابة الأطباء لمناقشة مجمل هذه القضايا بما فيها أجورهم وتصنيف الأطباء على شبكة التأمين، وطريقة انتسابهم إلى الشبكة والتي اعتبرها العش نقطة خلل كونها تتم عن طريق التواصل الإلكتروني، مما يلغي وجود وثيقة رسمية لانتسابه والتي تخول الجهات المعنية محاسبته بعقوبات رادعة، منوهاً إلى أن جميع التوصيات من الورشات والندوات سيتم رفعها في سجل نتائج عمل اللجنة الوزارية المخصصة لمناقشة واقع التأمين الصحي ليصار تطبيقها أو إصدار قوانين لمعالجة إشكالياتها، كما أكد على ضرورة وجود معايير لمزودي الخدمة والذي يبلغ عددهم حالياً 800 مزود خدمة مقابل نحو 700 ألف مؤمن، وما يزال مستوى الخدمة ضعيفاً، في حين يبلغ عدد مزودي الخدمة في بعض البلدان ثلاثة آلاف مقابل 10 ملايين مؤمن له.