أخبارصحيفة البعث

“غنــــاء وصفيـــر” النســـاء يزعـــج أردوغـــان

 

لم يكتف بما حصده عقب محاولة الانقلاب عام 2016، ليتخلّص بخباثته المعهودة من منافسيه السياسيين ومعارضيه العسكريين والمدنيين، بل امتدت يداه لتمسّان المرأة في حياتها اليومية، ورغم محاولاته الدائمة إخفاء عنجهيته الهمجية، سقطت في لحظة ضعف جميع الأقنعة وتكشّف شكله الحقيقي، ففي 8 اذار لم يستطع أردوغان كبح نفسه وشن هجوماً ضارياً على النسوة المتظاهرات في يوم المرأة العالمي، متهماً إياهن بـ “الوقاحة” والإساءة للإسلام حسب وصفه، وهي ذريعة واهنة لطالما استخدمها المتطرّفون من أمثاله ليمرروا عبرها أجنداتهم ومكائدهم.

مظاهرات نسائية حاشدة استقبلتها ساحة تقسيم الشهيرة، التي عجت سابقاً بحراك شعبي تمّ قمعه في قلب مدينة اسطنبول، الى تلك الساحة نزلت النساء متحديات حظراً فرضته السلطات التركية وحملن لافتات تندد بالعنف ضد المرأة، إلا أن المشهد تحوّل إلى ساحة قمع بعدما جاءت الشرطة التركية وهاجمت المتظاهرات وطاردتهن في الشوارع والأزقة، وتفككت مظاهرة يوم الجمعة بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.

“انظروا، إنها الحقيقة المرة للأسف: هناك نظام يهابنا. لن نبقى صامتات، ولسنا خائفات”، هذه هي العبارات التي أطلقتها المتظاهرات، لكن نظام أردوغان خلال تجمع انتخابي في أضنة يوم الأحد قال: إن “تجمعاً في تقسيم يقوده حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديموقراطي يُزعم أنه بمناسبة يوم المرأة العالمي، تصرّف المشاركون به بوقاحة مع غنائهم وتصفيرهم”، فربط بذلك المظاهرات السلمية بـ “مؤامرات” يحيكها خصومه السياسيون. لكن الحقيقة أن أردوغان استغل هذه المظاهرة النسائية لتوظيفها في الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في 31 آذار، لهذا يكثر الرئيس التركي من إطلالاته في جميع أنحاء البلاد لينتقد المعارضة في كل حين، بيد أن الناشطات استنكرن في بيان لهن محاولة أردوغان استخدام مسيرة يوم الجمعة “كمواد انتخابية” في الصحافة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.

ووردت تقارير عديدة عن انتشار واسع للعنف ضد النساء وحكومة رجب طيب أردوغان لا تبذل من الجهد إلا قليلاً لمكافحته وغالباً بطريقة مشينة، فقد شهد الشهر الماضي غضباً امتد في كل أنحاء البلاد على عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن قضية مقتل طالبة جامعية بعمر 23 عاماً، وما زاد ذلك الغضب اعتبار الشرطة التركية مقتل الطالبة انتحاراً، لكن بعد ضغوطات الشارع عاملت الشرطة القضية كجريمة وصرّحت أن رئيسها في العمل بالتعاون مع رجل آخر قاما باغتصابها وإلقائها من الطابق العشرين. أثارت هذه القضية الكثير من المسائل حول الطريقة الخاطئة التي يتم بها التعامل مع قضايا النساء المقتولات في تركيا، حيث يتمّ تصنيف أغلبها كحوادث أو حالات انتحار.

وفي الأسبوع السابق، قدمت مؤسسة “وقف أوموت”، وهي مؤسسة غير حكومية بارزة، دليلاً واضحاً على أوضاع المرأة في ظل حكم أردوغان بإعلانها مقتل 477 امرأة عام 2018، 341 منهن قتلن في حوادث مسلحة، فضلاً عن تعنيف وتعذيب 232 أخريات على أيدي رجال عنيفين.

في حقيقة الامر، يعكس حجم الاحتجاجات ومداها وعياً متنامياً داخل المجتمع التركي فيما يتعلق بحقوق المرأة وحجم العنف ضدها، وهي أكبر مشكلة تواجهها النساء التركيات، ولم يعد مستغرباً أن يستخدم الحزب التركي الحاكم كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة لكيل الاتهامات للخصوم السياسيين.

علاء العطار