برنامج أمريكي سرّي لتطوير أنظمـــة صواريــــخ بالسـتية
لم تكد الولايات المتحدة الأمريكية تعلن انسحابها من معاهدة الحد من انتشار الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى مع روسيا، حتى بدأت تتكشف الأهداف والغابات المبيتة من وراء ذلك، ومن المسؤول الأول عن هذا التوجّه في الإدارة الأمريكية، والأخطر هو جر القوى الكبرى إلى سباق تسلح كبير، حيث أفادت مصادر عسكرية أميركية عليا بأن البنتاغون منكب على تطوير نظامين للصواريخ الباليستية للمديات المتوسطة، كانت محظورة وفق بنود معاهدة الحد من الأسلحة النووية مع موسكو، أحدهما “صواريخ كروز تطلق من الأرض”، منخفضة الارتفاع مداها 1000 كلم، والآخر بمديات تتراوح بين 3000 إلى 4000 كلم.
وسيبدأ البنتاغون إجراء التجارب على النموذج “الأول” في شهر آب المقبل، وهو نموذج معدل لصواريخ توماهوك ليتزامن مع إعلان انسحاب الطرفين الموقعين على المعاهدة، والثاني في شهر تشرين الثاني من العام الجاري. وأوضحت يومية واشنطن بوست، في نسختها الإلكترونية، أنه بموجب انسحاب واشنطن من المعاهدة، وكذلك موسكو، ستصبحان في حلٍ من القيود القانونية السابقة المفروضة على نظم صواريخ كروز.
وأضافت يومية واشنطن بوست أن الأسلحة الجديدة “لن تحمل رؤوساً نووية”، وفق مصادرها العسكرية.
وأضافت، أيضاً نقلاً عن مصادرها العسكرية، إن واشنطن لم تخطر حلفاءها الأوروبيين أو الآسيويين بنيتها نشر النظامين على أراضيهما. ومن المرجح أن تنشر واشنطن نظام المديات المتوسطة في جزيرة غوام، في المحيط الهادئ بالقرب من الصين وروسيا.
وفي تطور موازٍ، أوضح خبراء أميركيون في الأسلحة النووية أن مستشار الأمن القومي جون بولتون كان له الدور الحاسم في انسحاب واشنطن أحادي الجانب من المعاهدة، وما تبرير الإدارة وزعماء الكونغرس من الحزبين بأن “روسيا انتهكت المعاهدة.. سوى خديعة كبيرة لتبرير” سباق التسلح النووي.
هذه التطورات دفعت بالكرملين الروسي إلى التعليق، وقال ديمتري بيسكوف: إن إجراء وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تجارب صاروخية كانت محظورة بموجب معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى هو استمرار لنهج واشنطن في مسار إلغاء هذه المعاهدة، وتابع: إن الولايات المتحدة هي من انتهك أحكام المعاهدة المتعلقة بالصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى وليس روسيا، مضيفاً: إن الولايات المتحدة هي من أدرجت سابقاً في مشروع الموازنة بنداً حول التدابير الخاصة لهذه الصواريخ لذلك فإن التنفيذ دون الاختبار غالباً ما يكون مستحيلاً.
بدوره اتهم رئيس هيئة الأركان الروسية فاليري غيراسيموف واشنطن بتقويض الاتفاقات الصاروخية، معتبرا أن الإرهاب الدولي وانسحاب واشنطن من المعاهدات، يمثلان تحدياً لأمن الرابطة المستقلة، وأضاف خلال جلسة رؤساء هيئات الأركان في بلدان رابطة الدول المستقلة: “تدل أحداث الفترة الأخيرة، على أن الولايات المتحدة باشرت معتمدة على الناتو في تفكيك الاتفاقات الصاروخية النووية. بؤر التوتر وعدم الاستقرار الإقليمي لا تظهر في مختلف بقاع الأرض بمعزل عن محرض خارجي”.
وشدد على أن الإرهاب الدولي المدعوم من رعاة يقفون في الظل، لا يزال يشكل تهديدا عالميا للسلام، وأضاف: “في ظل هذه الظروف، أصبحت التحديات التي تواجه سيادة بلدان رابطة الدول المستقلة وأمنها حقيقية قائمة، وصارت أكثر تنوّعاً”.
في سياق متصل حذرت وزارة الخارجية الروسية أمس من أن واشنطن تلحق الضرر علنا بالتعاون في مجال الاقتصاد والطاقة والمجال العسكري التقني بين موسكو وشركائها الأجانب عبر طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب تخصيص 500 مليون دولار لمقاومة ما سماه التأثير الضار لروسيا في أوروبا، وقالت في بيان: “بإلقاء نظرة سريعة على الأرقام المذكورة يظهر أن واشنطن تلجأ إلى مزاعم لا حد لها في محاولاتها النشطة لعرقلة دور روسيا على الساحة الدولية وإعادة توجيه الدول الأخرى للتعاون مع الولايات المتحدة كما أنه وعلاوة على ذلك فإن هذا مثال ساطع آخر على سياسات المنافسة غير العادلة”، وتابعت: إن نهج إدارة ترامب استمرار لسياسات أسلافها، مضيفة: إن الميزانية الأميركية توفر التمويل السنوي لما يسمى المساعدات لدول أوروبا الشرقية والفضاء ما بعد الاتحاد السوفييتي وفي الواقع تهدف هذه الأموال إلى تشديد نفوذها عليها ففي السنوات الأخيرة موهت واشنطن حملة الرهاب من روسيا على أنها كفاح ضد تهديد روسي جلي.