في ندوة “المشروع الأمريكي التقسيمي في الجزيرة السورية” : “الإدارة الذاتية” جزء من مشروع الشرق الأوسط الكبير
دمشق- سنان حسن:
أقامت اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني ندوة تحت عنوان “المشروع الصهيوني الأمريكي التقسيمي في الجزيرة السورية”، تناولت الأبعاد التاريخية لمساعي بعض الأكراد للحصول على كيان بسلخ أراضٍ من سورية والعراق وإيران وتركيا، والأسباب والدوافع التي ساهمت في حدوث ذلك، بداية من معاهدة لوزان ولغاية اليوم.
الباحث الدكتور منير الحمش، قال: إن تفتيت سورية والعراق إلى مناطق عرقية ودينية قائمة بذاتها هو الهدف الرئيسي لإسرائيل على المدى الطويل، غير أن تفتيت القوة العسكرية لهاتين الدولتين يعد الهدف الأساسي على المدى القصير، وعليه فإن إقامة الدويلات الدينية والعرقية هي فكرة استراتيجية في المخطط الأمريكي الصهيوني، الهدف منها تجزئة المجزأ في المناطق المحيطة بالكيان الصهيوني.
وبيّن الدكتور الحمش أن الجذور الأولى لما يسمى بالمشكلة الكردية تعود إلى معاهدة لوزان عام 1923 التي أعيد فيها ترتيب المنطقة وفق مصالح الدول الكبرى، حيث عملت فرنسا حينها على تقسيم سورية التي كانت تحت الانتداب، وكان نصيب الجزيرة السورية السعي لإقامة كيان انفصالي “كردي- كلداني- آشوري- مع بعض القبائل العربية”، فالتقت سياسة التتريك مع الدفع الفرنسي، ولكن هذا المشروع فشل تحت وطأة المقاومة الوطنية، ومع فجر الاستقلال أكدت القيادات الوطنية على ثوابت كبرى فوتت الفرصة على الحالمين في خلق أي تغيير في الجغرافيا السورية..
وأضاف: ومع الحرب الإرهابية على سورية بداية عام 2011 عاد الوضع مجدداً إلى الواجهة بهدف قديم جديد هو سلخ الجزيرة السورية عن الدولة السورية تحقيقاً لأهداف استعمارية قديمة، حيث استولت مجموعة من الانفصاليين الإرهابيين على مؤسسات الدولة في الجزيرة، وأعلنت بدعم أمريكي وأوروبي غربي ودعم مادي من دول الخليج العربي عن “الإدارة الذاتية” ادعت أنها مناطق “كردية”، فدعتها تارة “كردستان الغربية”، وتارة أخرى “روجا آفا” وعاصمتها “قامشلو” ..
وأوضح الدكتور الحمش أن مسألة الإدارة الذاتية ليست مسألة فنية أو إدارية أو تنظيمية، كما يحاول البعض تصويرها، وليست أيضاً مسألة حقوق اجتماعية وثقافية وتعليمية، بل هي مسألة سياسية تضم كل تلك العناصر بالإضافة إلى الأبعاد الاستراتيجية التي تتعلق بالمشروع الأمريكي الصهيوني الأوروبي التقسيمي، فتجربة الإدارة الذاتية التي يجري تطبيقها الآن تعني لأصحابها بداية تحقيق أوهام مشروع تاريخي يعد جزءاً من “مشروع الشرق الأوسط الواسع” الذي أعلنه جورج بوش الابن بعد احتلال العراق.
وتابع الحمش: إن هدف الولايات المتحدة الأمريكية من هذا المشروع الانفصالي، إنهاء الدعم الإيراني والروسي لسيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية، والأهم أنه أداة تنفيذية لمشروعها التفتيتي في المنطقة يوفر عليهم تكاليف مادية وسياسية وعسكرية.
وختم الدكتور الحمش أن سورية الدولة والشعب تواجه صعوبات ومشكلات معقدة ومتشابكة، لعل أخطرها ما يجري في الجزيرة السورية، ومن هنا فإن سورية تحتاج إلى أن تعمل على مسارين: الأول قوة الدولة واقتصادهاووحدة شعبها، والثاني تطوير تجربة المجالس المحلية، والحفاظ على مكتسباتها من خلال نصوص دستورية واضحة تحدد الاختصاصات والمسؤوليات، وتوزعها ما بين المركز والإدارة المحلية، بما يضمن مراعاة احتياجات المناطق السورية كافة.
وحذر المفكر العربي الدكتور كمال خلف الطويل من أن واشنطن تريد تجويف الدولة السورية من الداخل، وتعمل في الشرق السوري على خلق كينونة ذات طابع مفدرل يكون عمادها الرئيس هو “الكردية السياسية” في سورية، لكي تكون لاحقاً الممثل الوحيد والشرعي وشبه الوحيد لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في القرار السوري المركزي، وبمعنى أدق استنساخ تجربة شمال العراق. وهذا هو الرهان، حيث تحاول الولايات المتحدة الأمريكية الضغط على سورية عبر ثلاثة أمور: العقوبات الخانقة، والعمل الخفي والنشاط السري، والدعاية السوداء عبر التحريض والتهييج والإعلام بأشكاله كافة.
وهم يعتقدون أن هذه الأمور مع الإدارة الذاتية كفيلة مع مرور الزمن بأن تدفع السوريين إلى الاستسلام للقرار الأمريكي.
حضر الندوة عدد من المفكرين وقادة الفصائل الفلسطينية في دمشق.