مواطنو الجنوب التونسي يطردون رئيس حركة النهضة
تعرّض رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي للطرد من قبل مواطنين غاضبين أثناء زيارة قام بها إلى مدينة جربة من محافظة مدنين جنوب البلاد، وأظهرت مشاهد انتشرت في صفحات التواصل الاجتماعي مواطنين وهم يطالبون برحيل رئيس النهضة من مدينتهم، واصفين إياه بالسفاح، ومحمّلين حزبه مسؤولية التدهور الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
وقبل أيام تعرّض الغنوشي للطرد من مدينة بنقردان الحدودية، والتي شهدت قبل 3 سنوات هجوماً لتنظيم “داعش” الإرهابي، أسفر عن مقتل عدد من رجال الأمن ومدنيين، إضافة إلى مقتل عدد من المتشددين.
وأثار الغنوشي جدلاً واسعاً بسبب تصريحاته أثناء زيارته لمدنين الأحد، حيث قال: “إن النهضة ليست في حاجة إلى حملة انتخابية في الجنوب، فهذه المنطقة ظلت باستمرار “نهضاوية”، منذ انتخابات سنة 1989 ولها ميل واضح نحو النهضة”.
واعتبر مراقبون أن رئيس حركة النهضة يعتبر أهالي الجنوب التونسي مجرد قطيع يتحكّم فيه المتأسلمون، وهو ما يعتبر إهانة واضحة لجزء هام من الوطن، واتهم الإعلامي محمد بوغلاب الغنوشي باستعمال خطاب “جهوي” مقيت يثير النعرات الجهوية بين التونسيين لأسباب تتعلّق بحملة انتخابية مبكرة تقوم بها النهضة.
وحذّر بوغلاب من تصريحات الغنوشي، ورأى أنها خطيرة على الوحدة الوطنية، وتصادر حرية الناس على أساس أن أهل الجنوب كلّهم قطيع يتحكّم بهم “إخوان” تونس، وأكد أن تصريحات الغنوشي فيها استخفاف بقيمة الناس وبحرياتهم وآرائهم، ويغذي مرّة أخرى مسألة تقسيم البلاد.
بدوره حذّر رئيس حزب المستقبل الطاهر بن حسين من خطاب الغنوشي، الذي يزيد من تقسيم الشعب التونسي بخطاباته، مشيراً إلى أن أهل الجنوب ليس لهم تعاطف مع النهضة، فيما أكدت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى في خطاب بمناسبة الذكرى 63 للاستقلال بمدينة بنقردان أن “الجنوب التونسي لم ولن يكون إخوانياً، ولم ولن يكون طاعناً في الدولة المستقلة”.
وقال الإعلامي لطفي العماري: “إن الجنوب، الذي صوّت للنهضة في الانتخابات الماضية لم ينتفع من هذا القرار على المستوى الاقتصادي والتنموي، بل إن زعيم حركة النهضة اختار الشمال لكي يقيم فيه، موضحاً أن “الغنوشي يعتبر أهل الجنوب مجرد خزان انتخابي، وأن الأمر سيتغيّر في المستقبل”.
بالتوازي يدفع فتح ملف الاغتيالات السياسية، التي شهدتها تونس بعد عام 2011، النهضة بقوة للإسراع في إعادة التوافق مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الذي أعلن في أيلول من العام الماضي إلى فك تحالفه معها، احتجاجاً على دعمها للشاهد، الذي طالب حزب نداء تونس بإقالته.
وأعلنت هيئة الدفاع عن القياديين اليساريين المغتالين شكري بالعيد ومحمد البراهمي يوم السبت الماضي أنها لجأت إلى القضاء مجدداً بعد أن اتضح وجود مخالفات قانونية تمّت داخل وزارة الداخلية فيما يخص وثائق للجهاز السري التابع للنهضة، مشيرة إلى أن المتهم بقتل بالعيد على علاقة مباشرة بها.
وكشف إنهاء التوافق بين النهضة ونداء تونس، الذي استمر 5 سنوات، عن حجم الهواجس التي تؤرق الحركة الإسلاموية من الملفات الحارقة إذا واصل ملف الجهاز السري مجراه القانوني بعيداً عن الضغوطات.
كما شكّل قرار البنك المركزي بإخضاع حسابات النهضة وقادتها للتدقيق المالي هاجساً كبيراً للحركة، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات، وما يمثّله ذلك من قطع للطريق أمام تخطيطها لتلقي تمويلات خارجية لتأمين حملتها الانتخابية.