“فوبيا” مادة يوم العطلة
جلال نديم صالح
عاتبني أحد الكتاب يوماً على حوار أجريته معه ونشر في أحد أيام العطلة فقال: أليس الحوار مهما؟ ألست اسماً معروفاً في عالم الأدب؟ أجبته: نعم. فتابع: إذاً لماذا نشر حواري في يوم لا يشتري الصحيفة فيه أحد هذا ما أذكره بطبيعة الحال من سيل كبير من الأسئلة صب معظمها في التقليل من شأن المادة الصحفية التي تنشر يوم العطلة الرسمية، وبالتأكيد كثر ممن يعملون في مجال الصحافة المكتوبة واجهتهم مثل هذه الحالة، هناك من تركها تمر مرور الكرام ربما لقناعته بعدم جدوى النقاش لكن الأخطر هو من اقتنع بصوابية هذه النظرة وهنا تكمن المشكلة، لأن هذا الحكم المسبق فيه الكثير من الظلم للكاتب وللمادة الصحفية على حد سواء، ومن وجهة نظري الخاصة التي قد يوافقني عليها البعض وقد يرفضونها أن الصحف عموماً بما تحويه من تنوع أو تخصص هي منتج فكري إبداعي إن لم تكن جذابة تعرض ما يهم القراء، لن يكون هناك دافع لشرائها حتى ولو غزت المكتبات العامة والخاصة وفي أي يوم. من هنا تتنافس الصحف لتخرج بأبهى حلة وبأفضل مضمون حتى لا تسقط من اعتبارات الجمهور في سوق المنافسة، وربما كثر يغفلون عن أن الصحف أصبحت بالنسبة للكثيرين خبزهم اليومي باعتبار قراءة الصحيفة أحد الطقوس الصباحية التي لا غنى عنها، والأهم من ذلك وقد يجهله البعض أن كبريات الصحف على مستوى العالم تنشر أهم موادها الصحفية وحواراتها مع كبار المفكرين في عالم الأدب والسياسة والاقتصاد في أيام العطل، ليتسنى للقراء متابعة ما ينشر وقراءته بتمعن، ومن يستطيع أن ينكر أن المادة الإعلامية عموماً تستمد قيمتها من ذاتها ومن شخصية الكاتب ونَفَسِه الإبداعي، من منا على سبيل المثال لم يشتر إحدى الصحف مهما كان توقيت صدورها بدافع حبه لأحد الكتاب ومتابعته الدائمة لزاوية أو عمود لهذا الكاتب، والأمر الأهم من كل ذلك أن التسويق لم يعد مشكلة لأي وسيلة إعلامية مكتوبة، خصوصاً بعد الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي وصدور معظم الصحف بنسخ الكترونية تصل إلى الجميع دون استثناء. لا أدري إن كانت هذه الأفكار البسيطة التي يمكن أن نضيف إليها الكثير كافية ليعيد البعض النظر في قناعاتهم ويكونوا أكثر إنصافاً للمادة الصحفية بمعاملتها بتجرد، وتقييمها بناء على مضمونها وليس بتوقيت صدورها أو أي من الاعتبارات الأخرى التي قد تبخسها حقها.