كنينة دياب: هناك من يستسهل الكتابة للأطفال
يستهويها عالم الأطفال منذ زمن طويل، ويهمها جداً رأيهم فيما تكتب أكثر من رأي النقاد، فبوصلتها الأطفال أنفسهم أولاً وأخيراً، لذلك تجد متعة في التعامل واللعب معهم، فمن خلال اللعب تعرف ماذا يجب أن تكتب لهم.. من هنا تُمضي ساعة من الوقت تقرأ قصصاً وتستمع لقصص يحاول الصغار تأليفها في النشاط الذي تقدمه في أول يوم سبت من كل شهر في مركز ثقافي أبو رمانة بدمشق وتعتبره لقاءً جميلاً يلهمها الكثير من القصص الجديدة التي تكتبها، حول تجربتها الأدبية بشكل عام والكتابة للأطفال بشكل خاص كان هذا الحوار مع الأديبة كنينة دياب..
*التّوجه للطفل هل يحتاج برأيك إلى كاتب متخصص بهذا المجال؟
**بالتأكيد يحتاج إلى التخصص والاطلاع المتواصل والتواصل المستمر مع الأطفال والمشاركة بأنشطتهم، هناك من يستسهل الكتابة لهم، وقد حاول العديد من الأدباء الكبار والروائيين المعروفين الكتابة للأطفال, لكنهم لم يستطيعوا الاستمرار.. عالم الطفولة يختلف عن عالم الكبار، إذ يجب أن يكون قلبك قلب طفل حتى تتمكّن من الوصول لعقله وقلبه وفكره، تفهمه جيداً حتّى يفهمك ويفهم الرسالة التي تريد أن توصلها له.
*أي كتاب يحتاجه طفل اليوم بشكل عام؟ والطّفل السّوري الذي عايش الحرب بكل تفصيلاتها بشكل خاصّ؟
**هدف القراءة الأول هو الاطلاع والاستمتاع، أي أن نقدم المعلومة والرسالة بشكل مشوّق وممتع، ويجب أن يتماشى الكتاب مع العصر، فطفل اليوم أوسع في مداركه من أطفال أيام زمان، فالعالم من حوله تغيّر، والطفل السوري عانى مع أهله وعاصر أحداثاً مرهقة لذهنه وفكره وعواطفه.. أنا لست مع الكتابة عن المآسي بطريقة مباشرة إنّما عن طريق جماعات التطوع لمساعدة زملائهم في المدرسة والمعاملة اللطيفة مع أبناء الشهداء، نعلمهم، بل ندربهم على التعامل بمحبة مع الآخرين من حوله، ومهمتنا حالياً أصعب من السابق.. يمكن أن نقدم للطفل المعلومة العصرية في تقدم التكنولوجيا بالشكل المبسط السهل، وبالشكل المشوّق الذي يدفعه لمتابعة المعلومة والمعرفة حتى بعد الانتهاء من قراءة الكتاب أو القصة، ولدينا كتّاب للطفولة وكتّاب للناشئة وللشباب يحملون رسالة نبيلة وقيّمة, وينقصنا التقدير لأدب الطفل حتى يتم نشر الكتب التي يحتاجها أطفالنا، وهذا يحتاج إلى تقدير وتشجيع لعملية النشر والتوزيع لهذه الكتب, فعمليات التوزيع متواضعة، بل بائسة.
* كيف ترين واقع أدب الطفل في سورية؟ وكيف أثّرت الحرب على هذا الواقع؟
**واقع أدب الطفل لم يتغير كثيراً.. صحيح أن الغمامة هيمنت علينا جميعاً إنما بقينا نبث الأمل في أن الغمامة ستزول بمؤلفات متفائلة قدر ما استطعنا، وقد تأثرت هذه الكتابات بالحرب بالتأكيد من ناحية المواضيع التي أدخلنا إليها أسلوباً جديداً بالحثّ على التعايش والمحبة أكثر من قبل، لكن القائمين على النشر يحتجّون بحالة الحرب وتقليص عدد المنشورات, وهذا بعكس ما يجب أن يكون.
*توجهتِ للكبار من خلال الترجمة فقط, فلماذا لم يغرِك التأليف للكبار واتجهت نحو الأطفال؟
**لدي مجموعة قصصية للكبار كنت أؤجلها, لكنني الآن عدت إليها، وأنا حالياً أعمل على مراجعتها وتدقيقها قبل أن أقدمها للنشر، وربما تصدر قريباً، ولعلني كنت في داخلي أخشى من إلصاق كل قصة بي شخصياً, فمجتمعنا لا يزال يتهم المرأة الكاتبة ويلصق تهم بطلاتها بها، كما حدث لعدد من الكاتبات والروائيات بشكل خاص، وهذا ربما كان سبباً في تخصصي بأدب الطفل, وأدباء الأطفال لا تزعجهم المنافسة كما يحدث بين كتّاب أدب الكبار، إذ تبقى لدينا براءة خاصة أيضاً.
*أعددتِ وقدمتِ بعض البرامج التلفزيونية والإذاعية.. حدثينا عن واقع هذه البرامج، سلبياتها وإيجابياتها، وبرأيك ما هي الوسيلة الأنجع لمخاطبة أطفالنا؟
**برامجنا مازالت كما هي منذ أيام طفولتنا، ليس فيها التجديد المطلوب، روتينية خفيفة بالنسبة للأطفال الصغار, إنما للناشئة ربما هناك محاولة لتقديم برنامج يحتوي على المعلومة والتقنية الحديثة، وهذا برنامج حديث شاهدته منذ فترة بسيطة على إحدى شاشاتنا.. نتمنى تقديم برامج منوعة شيقة تجذب الكبير والصغير.. أعددتُ لتلفزيون دبي برنامج قصة الأسبوع وقصة المساء, وكانت قصصاً مرفقة بصور ملونة جميلة، وأعددت وقدمت برنامجاً في إذاعة دبي كان منوعاً ومشوقاً وشاركتُ معي الأطفال ولاقى صدى جميلاً بين الأطفال وأولياء الأمور, حيث كنت أزور المدارس والحدائق العامة لتسجيل فقرات البرنامج بين الأطفال وفي عالمهم.. نتمنى وجود حيوية وروح في برامجنا الموجهة للأطفال.
*تخرجتِ مؤخراً من كلية الإعلام وأنت في عمر السبعين, حدثينا عن هذه التجربة الفريدة في سورية، دواعيها وضروراتها بالنسبة لك.
**تقدمت ابنتي لدراسة الإعلام في التعليم المفتوح في جامعة دمشق فتقدمتُ معها وتابعنا الدراسة معاً, إلا أنها في السنة الثانية تحولت لدراسة اللغات وبقيت أنا وتابعت وتخرجت في الدورة التكميلية من عام 2018 بمعدل 69% ومن خلال البحث عرفت أنني أكبر خريجة جامعية في سورية والوطن العربي.. كان الهدف نوعاً من التحدي لمدى صبري على المتابعة وحضور المحاضرات والعودة لمقاعد الدراسة والكتب وتقديم الامتحانات، وكان لدي هدف أيضاً لكتابة قصة عن حياة طلاب هذا الجيل والعلاقات الجامعية بينهم وبين الأساتذة، وعملت في الإعلام منذ سنوات واليوم درست الإعلام بمتعة كبيرة, ربما لأنني جربت العمل الإعلامي سابقاً.. سأعمل في الإعلام الآن إنما بعد دراسة أكاديمية أضفتها لخبرتي السابقة, وربما أجد الفرصة لتقديم برنامج للأطفال يكون مميزاً, وربما أتابع دراسات عليا للتخصص في إعلام الأطفال لأنه لا يوجد في بلدنا هكذا تخصص، وإن كنت أكاد أنهي 71 من عمري بعد أيام فلن يوقف ذلك من طموحي للمتابعة.
*ما رأيك بمعرض كتاب الطفل الأول بسورية وأهمية وجوده.
**لم أحضر المعرض رغم أن لدي أكثر من 14 كتاباً للأطفال والناشئة، ومعظمها كان في المعرض عدا كتابي “فارس يودع الطفولة” الذي نفد, وأحاول قريباً إعادة طباعته، إنما مجرد وجود فكرة لمعرض خاص بالأطفال وكتب ومؤلفات الأطفال خطوة رائدة ورائعة تشجع الأطفال على اقتناء الكتب وقراءتها وتسهل للأهل البحث عن المفيد والمناسب في عالم محدد للطفولة وليس كما يكون الأمر في المعارض العامة الشاملة لكتب الكبار والصغار، وبذلك يتعرّف أدباء الأطفال أيضاً على نتاج بعضهم للمنافسة الشريفة التي تنتهي بتطوير أدب الطفل، وهي خطوة تُحسب لوزارة الثقافة، ونرجو أن لا تكون الأخيرة.
*ما هي آخر إصداراتك؟
**آخر إصدار للأطفال كان مجموعة قصصية بعنوان “براعم الغد” عام 2016 ومجموعة قصصية مترجمة للشباب واليافعين بعنوان “الكاديلاك الذهبية” عام 2012 ومجموعة قصصية مترجمة أيضاً للشباب والكبار بعنوان “عزيزي الخائن” 2014 ثم انشغلت بالدراسة في الجامعة، ولدي خمس مخطوطات تأليف وأخرى ترجمة للأطفال قيد النشر في سورية وخارجها سورية.
أمينة عباس