ماذا عن تسويق اقتصادنا..؟
ثمة خلل يكتنف مسألة تسويق الاقتصاد الوطني، وما يتمتع به من فرص استثمارية دسمة، ويمتد هذا الخلل إلى عقود خلت، فرغم ما شهده هذا الاقتصاد من نمو ملحوظ خلال سنوات ما قبل الأزمة، إلا أنه لم يشهد قفزات نوعية ملحوظة نتيجة غياب التسويق الفعلي لفرصه..!
لن نشير بإصبع الاتهام إلى جهة بعينها، ونحملها مسؤولية تجاهلها لوضع استراتيجية من العيار الثقيل، وسنتحدث بالإطار العام، ونعتبر أن مسؤولية التسويق مسؤولية جماعية مشتركة، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة وجود جهة مرجعية منظمة للعملية التسويقية ترسم مسارات العمل التسويقي وتضبط إيقاعاته بما يتواءم مع كل مرحلة..!
وإذا ما اعتبرنا أن مرحلة الإعمار من أهم المراحل، وتستوجب القيام بحملة تسويقية استثنائية، فنجد من الضرورة بمكان اعتماد استراتيجية حكومية تسويقية تتوزع فيها الأدوار، بحيث تستغل –مثلاً- البعثات الدبلوماسية نشاطاتها ولقاءاتها مع فعاليات الدول المعتمدة فيها للترويج للاستثمار في سورية، وتنشط مجالس الأعمال بهذا الاتجاه عبر نظيراتها المشتركة، وتكثف هيئة الاستثمار السورية جهودها لجهة التواصل مع رجال الأعمال سواء السوريون المغتربون، أم العرب والأجانب الراغبون في الاستثمار في سورية.. إلخ.
يشي المشهد العام إما بوجود تراخٍ ناجم عن ضبابية الرؤية للتسويق لفرص الاستثمار في سورية، أو بوجود “جماعة ضغط” من قطاع الأعمال تضغط باتجاه الحيلولة دون دخول منافسين لهم إلى سوق الاستثمار في سورية حتى يحظوا بكامل الدسم الاستثماري خاصة الريعي منه، ونلاحظ أن أغلب الاستثمارات الناشئة خلال هذه الفترة ذات طابع ريعي، لا بل إن بعضاً منها قائم من ذي قبل أو متعثر لأسباب معينة، شكلّ مطرحاً دسماً للاستثمار عند رواد الاستثمارات الريعية، بعيداً عن الخوض في غمار نظيره الإنتاجي الحقيقي..!
وعلى اعتبار أن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية تحاول كسر هذه القاعدة عبر العمل على تطبيق برنامج إحلال المستوردات، فيفترض أن تأخذ مسألة التسويق زخماً استثنائياً، لتوطين صناعات نستغني عن استيرادها، ويسجل للوزارة في هذا السياق جديتها وحرصها الواضح على التواصل الجاد مع عدد من المستثمرين الجادين بالتعاطي مع الإنتاج الحقيقي، ومثل هذا النوع من الاستثمار المجدي اقتصادياً واجتماعياً.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com