حرب من أجل إنقاذ الحرب!
ترجمة: هيفاء علي
عن ريزو اترناسيونال 24/3/2019
ثمّة تهديد كبير وخطير يحدق بالشرق الأوسط، فبالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها “المخلصين”، بريطانيا وفرنسا وإسرائيل والسعودية وألمانيا، ليس هناك ما هو أسوأ من عودة السلام.. وبنظرهم “السلام” أكثر خطراً وتدميراً من تهديد الإرهاب!.
بات من المؤكد أن تنظيم “داعش” لم يكن أكبر عدو للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لأنها بذلت مع حلفائها إسرائيل والسعودية، ودول أخرى، جهوداً حثيثة لإنقاذ هذا التنظيم.
وها نحن في السنة الثامنة من الحرب الشرسة الرامية إلى إبقاء الإرهاب على قيد الحياة في سورية، نرى أن السياسة الأمريكية، حتى في عهد أوباما، ساعدت ودعمت بشكل كبير الجماعات الإرهابية، وشيطنت أولئك الذين يقاتلون لحماية العائلات والأطفال الواقعين تحت وطأة “الحرب العالمية المزعومة على الإرهاب”، والتي أُطلقت عقب هجمات الحادي عشر من أيلول 2001.
مقابل ذلك، شكّلت العراق وإيران وسورية تحالفاً عسكرياً واقتصادياً لاجتثاث ما تبقى من فلول “داعش”، وإزالة العقبة الرئيسية أمام التجارة الإقليمية المتمثّلة في سد ومحاصرة طرق النقل، الطريق الذي يربط بغداد بدمشق، وجميع الجسور التي دُمّرت على طول نهر الفرات.
كان دور سلاح الجو الأمريكي يركز على منع الحكومة السورية من استعادة المناطق وتحريرها من سيطرة “داعش”. ونتيجة لذلك، سيطرت الولايات المتحدة وحلفاؤها على جزء من الأراضي السورية في الجزيرة العربية التي اضطر سكانها لمغادرتها هرباً من التجنيد والعمل القسري ، والأنشطة غير العادية.
لقد استخدمت الولايات المتحدة إرهابيي “داعش” كورقة للضغط على الحكومتين السورية والإيرانية، وهي تسعى من وراء ذلك لتنفيذ خطة “بلقنة” سورية. وساهمت إسرائيل في ذلك من خلال حملات القصف الإسرائيلية المتكررة التي دمّرت بعض المواقع حول دمشق ومحطات الكهرباء الفرعية ومستودعات الوقود، ما أغرق دمشق في الظلام فيما حُرم جزء كبير من المدينة من التدفئة والضوء والماء. حرب إسرائيل المزعومة ضد القوات الإيرانية في سورية ما هي إلا خدعة، وذريعة لشنّ الهجمات ضد السكان السوريين لدعم الجهود الدبلوماسية الأمريكية الرامية لمنع عودة مليوني لاجئ إلى ديارهم.
إذاً، تكمن القضية الأساسية في منع إعادة السلام إلى المنطقة بأسرها، ولفهم ما يحدث، من الضروري تقييم إلى أي مدى تؤدي السياسات الداخلية للدول الاستعمارية والامبريالية إلى سياسات عسكرية خاطئة. لذلك فإن مفتاح فهم ما يحدث في الولايات المتحدة، كان دائماً زواج اللوبي الإسرائيلي وول ستريت ، لأنهما يخضعان بشكل متزايد لسيطرة الأوليغارشية والحرب والنفط اللذين يؤتيان ثمارهما على أكمل وجه. والأمر نفسه ينسحب على بريطانيا وفرنسا حيث الاقتصاديات المفلسة والفساد على نطاق واسع والتدفق المستمر للاجئين إلى مناطق واسعة من أوروبا بسبب الاضطرابات السياسية والتطرف اليميني.
ومع إطالة إسرائيل لأمد الاحتلال العسكري للجولان السوري المحتل، فإن احتلال الجولان بدعم من إدارة ترامب والإدارات السابقة، يؤمّن لها مواصلة سرقة النفط من السوريين، وربما يدفعها الخوف من العودة إلى البحر، ولكن أي خوف هذا وهناك من يستحوذ على القوة المطلقة، أي الجاني نتنياهو، الذي يمارس سلطة على واشنطن وباريس ولندن لا يمكن تصورها؟!.
في نظر هؤلاء التهديد يتمثّل بعودة السلام والازدهار والقضاء على التطرف، لكن مع هذا الفضاء التجاري الجديد ستنخفض تكاليف الطاقة، وستنهار الميزانيات العسكرية، وستولد التطلعات الديمقراطية لمليار شخص.