عبير شرارة توقع كتابها “فلفل أسود” في دمشق
تمتلك الشاعرة قدرة على تنغيم المفردة وسبكها لاستقراء عالمها الداخلي وصياغته في ترتيب الأشياء والكلمات، فيبدو منحوتاً وفق نأمات شعورية بالغة الرهافة، فالمونولوج المتقطع في قصائد “فلفل أسود” يأخذ هيئة انتحاءات لورود تتفتح أمام كاميرا النفس، محيلة إياه إلى تواتر مزمن من حفيف لغوي ينتسب برشاقة إلى قصيدة تحفر عميقاً في ضمير قارئها.
في حفل توقيع كتابها “فلفل أسود” –في مركز ثقافي أبو رمانة- بدأت الشاعرة اللبنانية عبير شرارة بالقول: لم أكن سعيدة بأي عاصمة عربية كما أنا سعيدة اليوم في الشام، فيها نكهة خاصة وفرح مختلف. وقدم الكاتب والناقد سامر محمد إسماعيل إضاءة نقدية حول الديوان قال فيها: شعرية أنيقة ومحايدة تقتفي د.عبير من خلالها قيمة الأثر الذي يبقى من تنويعه اللافت بين قراءة العالم عبر الذات وقراءة تعبير الشعر كمادة جوهرية للأشياء تتخلص عبرها من تكرار محفوظات عيشها الواقعي نحو تخييل يرفعها من قيعان العادي إلى براح المخيلة، من صلادة المرايا وأحاديتها إلى غاباتها الدفينة وذاكرة من رأتهم.
تقتبس الأنا الشعرية عندها معجمها الخاص من تيهانات مدوخة تضع القصيدة كمعادل موضوعي للوجود، فيما تتناسل الصور على شكل ذاكرة من ألم محض، ألم المعرفة بالألم ذاته، وتكتسب شعرية مفازاتها في خلق مناخات عالية الثراء، فالأنوثة في قصائدها تبدأ من أنسنتها على نحو لا يجعل خاصية جندرية بحتة بل قدرة متجددة على الخلق، وإشراقات ترفع اليومي الباهت إلى مصاف الأسطوري لكن دون ادعاءات درامية.
تتخلص الشاعرة اللبنانية في “فلفل أسود” من سماكة المقاطع المطولة منتقلة إلى مايشبه الكتابة العشبية عبر لمح شعري تتواتر صوره المرنة وفق ترنيم طفيف النبرة يقتفي غيابات ووحشة وكآبات متعددة. تكشف شرارة عن فهم خاص للشعر بحساسية الكتابة عن الغياب وتقلباته فالقارئ لن يكون أمام غيثانات كلامية، وتفلت بمهارة من تمجيد الرجل ككائن محوري في كتابات النساء الشاعرات مستبدلة ذلك بضمير جمعي لبنات جنسها كما في قصيدتها “النساء الجميلات”.
جمان بركات