ثقافةصحيفة البعث

المعهد العالي في يوم المسرح العالمي

 

جرياً على عادتها، قامت الأكاديمية السورية للفنون، بالاحتفال بيوم المسرح العالمي وتحت عنوان: “يوم المسرح.. فن الحياة” بعد أن اشتغلت هذه الفرجة الاحتفال على طريقتها الأكاديمية، والتي تختلف من مخرج إلى مخرج، ومن أسلوب لآخر، فمنذ مدة ليست بالبعيدة، كان المعهد يقدم عرضا مسرحيا كاملا في مثل هذا اليوم من كل عام، و-هل أفضل بيوم المسرح من الاشتغال بالمسرح- لكنه ومنذ مدة ليست بالبعيدة أيضا صار الميل نحو مفهوم شكل الاحتفالية لا نحو مضمونها، وعوضا عن العرض المسرحي بهذه المناسبة، صارت تُقدم فرجة متنوعة مثل “سكيتشات” ذات طابع تلفزيوني أكثر منها مسرحي، واقصد بالتلفزيوني تلك المقاطع التي من المفترض أن تكون مسرحية حتى بطريقة التفكير فيها، لكنها جاءت كمشاهد متقطعة، بفواصل من الرقصات المتنوعة، بعد أن تم العمل على مسرحتها قدر الإمكان، خصوصا أن التلفاز والنت مكتظ بهذا الشكل من الأعمال، ليعمل المخرج على تركيب توليفة من الفنون التي يدّرسها المعهد لطلابه، في السينوغرافيا قدموا ومن خلال فيلم قصير زمنيا، المستوى الذي صاروا عليه، نتيجة الدراسة التي تلقوها في الأكاديمية، أيضا طلاب الرقص والتمثيل، الذين بذلوا جهدا عاليا هذا العام أيضا، وذلك في الأشغال الشاقة التي بذلوها في الاحتفالية.
مازج المخرج المسرحي “مأمون الخطيب”، عدة أنواع من الفنون، متشابكة مع بعضها البعض، وفيها تجانس واضح مع مفهوم الاحتفال، من تلك الفنون: السينما، المسرح، ومنه إلى الرقص فالغناء، قدمها 20 طالبا في المعهد هذا على الخشبة، أما العدد الحقيقي لصناع هذا العمل فغير معروف، ولا يعنيهم حتى الظهور، والطلاب هم من السنة الأولى، والثانية والثالثة، ويمكن القول أن “الخطيب” بذل جهدا لا بأس به، في جعل تلك الاحتفالية، اقرب ما يمكن لمفهوم الاحتفاليات عموما، لربما أراد أن يغير ولو مسرحيا من القسوة المحيطة بنا من كل مكان، ولو بعمل مسرحي منوع لا يحضره إلا القلة، فمسرح الصالة متعددة الاستعمالات، في دار الأسد للفنون كان وليومين متتالين، “كومبليه” من كثرة الحضور،إلا أن المشكلة في المسرح عموما أنه صار نوعا ما من آلة التراث، فماذا يعني 200 شخص أو حتى 500 بالنسبة للحضور؟ إنهم رقم لا يذكر أمام جماهير السينما والتلفزيون ووسائل التكنولوجيا وأدوات العولمة عموما، إلا أن ثمة أنصارا كثر للمسرح، ومن يرتاد العروض المسرحية اليوم، هم الجمهور بالمعنى الأهلي الثقافي وليس بمعنى الحشود.
إلا أن “الخطيب” استنزف كل نقطة في هؤلاء الطلبة، ساعتين من العمل المتواصل دون أي هدنة مع الوقت، وهذا ما بدا الطلاب عليه في الاحتفالية التي رعتها وزارة الثقافة وتم الأشراف عليها بشخص وزير الثقافة، كما جاء في “البروشور”، لياقة بدنية عالية، وحب واضح من الطلاب والجمهور لما يشاهد، ما يجعل المرء يفكر: أهذا احتفال أم اختبار للطلاب، كما أسلفنا، فما قدمه المشاركون في العمل، قدموه بجهد بدني رشيق، تُرفع له القبعة، ويبدو أن المخرج عمل على المواءمة بين الاختبار والاحتفالية، بحيث اخضع الطلاب بجهد بدني عالي “الفولت” استثمار الكل طاقتهم، وهذا حدث فعلا.
المحاكمة النقدية المسرحية، يعنيها العمل المسرحي الكامل، لا الشكل الذي تم تقديمه في الاحتفالية، فهذا ببساطة احتفال ويمكن توقع أي شيء فيه، لذا فالنقد الذي يوجه للعرض المسرحي الكامل، يختلف جدا عن الحديث عن احتفال في يوم المسرح العالمي.
أهم ما في الموضوع هم الطلبة، الذين بذلوا جهدا هائلا في الاحتفالية، فهم يبشرون بجيل من الفنانين المسرحيين، خصوصا في الأزمة التي يحيياها هذا الفن منذ سنين، وما قدمه هؤلاء الطلاب قادر على فعل ذلك، شريطة الاستمرار به، ودون تحويل شغفهم بالمسرح، إلى شغف التلفزيون ومزاياه، كما جرت العادة أيضا.
تمّام علي بركات