زواياصحيفة البعثمحليات

 متسولون ومشردون!

 

لا تزال حادثة الطفلة المشردة المدمنة على شم بعض المواد المخدرة التي سقطت منذ أيام بمياه نهر بردى تحت تأثير المخدر تثير ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تُوجت بسؤال عاجل: أين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من أطفالنا المشردين والمتسولين من ضحايا الحرب المدمرة؟!

مبعث هذا السؤال، ليس فقط بتأثير حالة الطفلة اليتيمة المشردة، وإنما بغياب التعاطي الحكومي والمجتمعي الجاد مع هذه الظاهرة التي باتت علامة “فارقة” في الشوارع والساحات ومراكز انطلاق الحافلات وغيرها من الأماكن التي يوجد فيها كثافة سكانية!

الإحصائيات الخاصة بذلك، وبالرغم من عدم دقتها، تشير إلى وجود أعداد كبيرة جداً من المتسولين والمشردين الكبار منهم والصغار على وجه الخصوص، يجوبون شوارع المدن والقرى وخاصة في دمشق، أغلبهم قد أُجبر على ذلك نتيجة ظروف الحرب القاسية التي دمرت بيوتهم وأفقدتهم أسرهم، وعدد لا يستهان به أيضاً اختار التسول كمهنة – حتى ما قبل الحرب – بوجود مشغلين من داخل الأسرة، أو من خارجها مستغلين ضعف القوانين التي تحاسب من يُشغل هؤلاء الأطفال الأبرياء! وبالمحصلة نحن أمام حالة خطيرة من التفكك الأسري ساهم فيه انكماش فرص العمل وغياب الرعاية من المجتمع الأهلي، وارتفاع مستوى المعيشة إلى حد جنوني غير مسبوق!

وإذا كانت “الشؤون الاجتماعية” تقول إن ملاحقة المتسولين والمشردين ليس من اختصاصها، لكن ذلك لا يعفيها من مهامها ومسؤولياتها في تمكين هؤلاء المحتاجين لجهة تجهيز مكاتب لتأهيل المتسولين والمتشردين، وتقديم الدعم الاجتماعي لهم بشكل عملي.

على علمنا هناك مكتب للدعم الاجتماعي في الوزارة يقدم للأطفال المشردين والمتسولين ما يحتاجونه من دعم نفسي وعلمي واجتماعي، نأمل لهذا المكتب أن يكون فاعلاً بالأفعال لا بالأرقام، والأمل الأكبر بأن يكون القانون المنتظر الخاص بالمتسولين متضمناً عقوبات شديدة رادعة لكل من يعمل على استغلال الأطفال واليافعين وتشغيلهم بالتسول، وأشياء أخرى تهين كرامتهم وإنسانيتهم، فلا يعقل أن يُسجن المتسول ويترك بعد فترة ليعود من جديد، بينما من يشغله يستمتع بأموال التسول، وبذلك نكون كمن يبحث عن إبرة في كومة قش.!

ويبقى السؤال: ماذا تفعل آلاف الجمعيات الخيرية والاجتماعية، أين هي من دعم هؤلاء الأطفال “الأحياء الأموات”، علماً أنها تأخذ معونات ومساعدات مالية باسمهم، لكن لا ينالهم منها إلا ما قلّ وندر.!

غسان فطوم

gassanazf@gmail.com