“وجهان”.. أطفال التوحدمن دائرة العتمة إلى دائرة الضوء
حين قدم أطفال مركز التوحد في منظمة آمال عرضهم المسرحي “وجهان” مؤخراً على خشبة مسرح الحمراء لم يقدموا من خلاله عبرة جديدة لحكايات عالمية حفظناها عن ظهر قلب كسندريلا أو ليلى والذئب والتي اعتدنا على سماعها منذ نعومة أظفارنا، وإنما قدموا عبرة حياتية تتجسد عبر وقفة هؤلاء الأطفال على خشبة المسرح ليس فقط ليكسروا نظرتنا النمطية اتجاه هذه القصص المتعارف عليها، بل أيضاْ لكسر أحكامنا المسبقة عن أطفال التوحد الـ 19 الذين اعتلوا خشبة المسرح بعد جهود جبارة بذلتها المنظمة بفضل عدد كبير من الأساتذة والمشرفين.
جهود جبارة
وكان الفنان أيمن زيدان الذي قدم للعرض قد أشار بدايةً إلى أهمية وجود منظمة آمال، موجهاً التحية لكل العاملين فيها للجهود الجبارة التي يبذلونها لإخراج أطفالنا من عتمة التوحد وصمت المشكلة السمعية للضوء والحياة، معترفاً بتقصيرنا وضرورة أن نكون شركاء مع أصحابها المنغمسين بالشأن العام.. من هنا رأى أن من واجبه الإنساني والأخلاقي التواجد في هذا العرض والتجربة الإنسانية التي يقدمها، آسفاً لأنه لم يكن شريكاً في صناعته، وقد كان وراءه جهد أساتذة دراما من منظمة آمال، وهو فخور بما بذلوه، منوهاً إلى أنه اليوم وبعد نحو 35 عاماً من العمل المسرحي ما زال يشعر بسطوة المسرح ورعبه، وحين يقف على خشبته يشعر وكأنه يخطو خطواته الأولى، وبالتالي فإن وقوف أطفال لديهم وضع خاص على خشبته من خلال عرض مسرحي دليل واضح على عمل طويل ومتواصل وجهود كبيرة بُذِلت.
أما مدرب الدراما والمسرح في منظمة آمال نجيب الحبال فقد أكد أن “وجهان” لم يكن مجرد عرض مسرحي بل هو خطوة من الخطوات وحلم في طريق طويل، ومن الضروري أن يتشارك المجتمع مع منظمة آمال لتحقيقه بالتأكيد على أن إيماننا بأطفالنا هو الذي يفجر إمكانياتهم وقدراتهم، مشيراً إلى أن “وجهان” ليس الخطوة الأولى، خاصة وأن المنظمة ومنذ أربع سنوات وهي تعمل في منهاج الدراما الذي يتضمن أهدافاً تلائم القدرات والخطط الموجودة في المنظمة، والبداية كانت مع مشاريع صغيرة، ثم عروض ضمن مسرح المنظمة، واليوم عرض “وجهان” وهو عرض مسرحي متكامل شارك فيه نحو 19 طفلاً توحدياً، مؤكداً الحبال أن العرض كان خطوة صعبة، خاصة وأن الطفل التوحدي لديه ضعف في التواصل وعدم الاستجابة للتعليمات، ولديه فرط حركي يتمثل بحركات نمطية يستمر في تكرارها.. من هنا فإن فكرة وجوده على خشبة المسرح بكل العناصر الفنية التي تستفز طفل التوحد تقوم على الكثير من المخاطرة، منوهاً إلى أن الأهل تجاوبوا وشجعوا الفكرة لأنهم كانوا مدركين أن العرض فرصة لإلقاء الضوء على قدرات أطفالهم المصابين بالتوحد، مبيناً الحبّال أن المسرح يعني زيادة الثقة بالنفس والتفاعل مع الآخرين، ويستلزم مرونة جسدية وخيالاً واسعاً، وهذا ما قدمه المسرح لطفل التوحد، منوهاً إلى أن “وجهان” سبق وأن قُدِّم في حمص وكانت ردود الأفعال خارج كل التوقعات، وبعد دمشق سيُقدَّم في طرطوس واللاذقية خلال شهر نيسان وهو شهر التوعية باضطراب التوحد، مع إشارته إلى أن المنظمة ستحرص في كل عام على تقديم عرض مسرحي جديد خلال شهر نيسان والتجوال به في المحافظات.
أمينة عباس