حياته المكرسة من أجل تحقيق قضية توحيد كوريا
يمكن القول: إن الرئيس كيم ايل سونغ (1912-1994) نذر حياته كلها من أجل قضية توحيد كوريا. منذ اليوم الأول من انقسام كوريا إلى شطرين، شمالاً وجنوباً من قبل الولايات المتحدة، بعيد تحريرها (15 آب 1945) من احتلال اليابان العسكري، قاد الرئيس الشعب الكوري بدأب إلى إنجاز قضية التوحيد، وهو يتمسك بثبات بخط كوريا الواحدة.
حين كانت المؤامرات لطبخ “الانتخابات والحكومة الانفصالية” مكشوفة بصورة أكثر سفوراً في كوريا الجنوبية، بالدعم من الولايات المتحدة المحاولة تكريس انقسام الأمة الكورية، تقدم الرئيس باقتراح خاص بعقد الاجتماع المشترك الشمالي والجنوبي. ففي بيونغ يانغ عقد الاجتماع المشترك الذي يشمل الأمة كلها في نيسان عام 1948، بحضور 695 ممثلاً عن حزب ومنظمة اجتماعية في الشمال والجنوب. تبنى الاجتماع القرار حول معارضة “الانتخابات الانفصالية” في جنوبي كوريا بحزم وذلك بالموافقة الاجتماعية لجميع المشاركين، وأعلن بصرامة أن الشعب الكوري سيقيم حكومة موحدة حقيقية بقوة الأمة الكورية المتحدة على أساس المبدأ الديمقراطي ودون أي تدخل أجنبي.
وقدم الرئيس الاقتراحات والمناهج من أجل توحيد البلاد السلمي بصورة متتالية بعد الحرب الكورية (1950-1953) التي أشعلت نيرانها الولايات المتحدة لتحقيق مطامعها في السيطرة على كوريا كلها.
على وجه الخصوص، حدد الرئيس كيم ايل سونغ الاستقلال والتوحيد السلمي والوحدة الوطنية الكبرى، كالمبادىء الثلاثة لتوحيد كوريا وانعكست تلك المبادىء الثلاثة في البيان المشترك الذي تم اتخاذه بين الشمال والجنوب في يوم الرابع من تموز عام 1972 (يسمى بيان 4 تموز المشترك) بحيث أصبحت برنامجاً عظيماً لتوحيد كوريا يحظى بالتعاطف والتأييد للمجتمع الدولي، ناهيك عن جميع أفراد الكورية.
يمكن القول إن مشروع تأسيس جمهورية كوريو الاتحادية الديمقراطية الذي عرض الرئيس في تشرين الأول عام 1980، هو تصميم لتوحيد كوريا الذي أوضح ملامح كوريا الموحدة والطرق لتحقيق ذلك.
يحتوي هذا المشروع على المضامين الخاصة بإقامة دولة موحدة على شكل اتحادي قائم على أمة واحدة ودولة واحدة، ونظامين وحكومتين، باتخاذ اسم دولة كوريو (918-1392) أول دولة موحدة في تاريخ الأمة الكورية الممتد إلى 5000 سنة، اسماً لدولة موحدة. فاسترعى هذا المشروع انتباهاً خاصاً للمجتمع الدولي بأصالته وعقلانيته وعدالته.
في نيسان عام 1993 طرح الرئيس برنامج النقاط العشر للوحدة الوطنية الكبرى بكونه برنامجاً سياسياً بالغ الأهمية لتحقيق وحدة الأمة كلها، تجاوز الخلافات في الأفكار والمثل العليا والآراء السياسية والمعتقدات الدينية، على أساس المحبة للأمة والروح الاستقلالية الوطنية، ولتعزيز القوى المستقلة الذاتية للتوحيد.
إن المبادىء الثلاثة لتوحيد كوريا ومشروع تأسيس جمهورية كوريو الاتحادية الديمقراطية وبرنامج النقاط العشر للوحدة الوطنية الكبرى التي طرحها الرئيس، يعترف بها كالمواثيق الثلاث لتوحيد كوريا، الواجب التمسك بها دون تغير على طريق تحقيق قضية التوحيد.
حقاً، سجلت على صفحات تاريخ حركة توحيد كوريا الحافل بالتعرجات والالتواءات الكثيرة، والحوارات والمحادثات بين الشمال والجنوب التي فتحت المناسبات والمجالات الانعطافية لتوحيد كوريا وتشكيل تحالف عموم الأمة لتوحيد الوطن، الجبهة المتحدة لعموم الأمة والمساعدة المواطنية من الطرف الشمالي لأبناء الشعب المتضررين بالفيضان في جنوبي كوريا وفعاليات وأنشطة التوحيد للشمال والجنوب، الناجحة من مختلف أشكالها. لا يمكن تصور هذه الأسس المتينة لإنجاز قضية توحيد كوريا، بعيداً عن الرئيس كيم ايل سونغ.
قال الرئيس: إن أكبر هدية له من أجل أبناء جلدة الأمة هو توحيد الوطن ونذر كل جوارحه من أجل إنجاز قضية التوحيد حتى الفترة الأخيرة من حياته.
إن النشاطات الدينامية التي قام بها الرئيس من أجل توفير الانعطاف التاريخي في حل مسألة توحيد كوريا في عام 1994، العام الأخير من حياته، قد تركت آثاراً لا تمحى في قلوب العديد من الناس في العالم.
حين قابل مدير وكالة أنباء برينسا لاتينا بكوبا في يوم 13 نيسان قبل يوم ميلاده (15 نيسان) بيومين، قال إنه مازالت تواجه الشعب الكوري المصاعب والعقبات الخطيرة في طريق التوحيد، ولكنه متفائل بمستقبل التوحيد، ستتحقق القضية التاريخية لتوحيد كوريا حتماً. في يومي 16و17 بنفس الشهر قابل وفد صحافي “واشنطن تايمز” الأمريكية ووفد الصحفيين لشبكة س.ان.ان التلفزيونية الأمريكية ووفد جمعية الإذاعة اليابانية بصورة متتالية وعبر عن إيمانه الأكيد بتحقيق قضية التوحيد مرة أخرى.
وفي يوم 21 نيسان قابل مون ميونغ جا الصحفية المواطنة الكورية المشهورة المقيمة في الولايات المتحدة وقال لها أنه إذا انطلق المرء في طريق المحبة للوطن مهما كان خائباً بحق الأمة في الماضي، بعد اعتذاره من ماضيه القذر، سيعامله معاملة التسامح والكرم ويتعاون مع الرأسماليين القوميين في جنوبي كوريا يداً بيد من أجل توحيد البلاد والازدهار المشترك للأمة. وأعطى الرئيس التعليمات الخاصة بمسألة التوحيد عشرات المرات في الفترة ما بين 20 حزيران و5 تموز في ذلك العام وحده.
في ليلة يوم 7 تموز أيضاً راجع الوثيقة التاريخية المتعلقة بمسألة التوحيد ووقع عليها عبارة “كيم ايل سونغ 7 تموز 1994” بخط يده. كان ذلك خطاً أخيراً تركه الرئيس في حياته.
ستتمجد حياة الرئيس كيم ايل سونغ المكرسة لقضية توحيد كوريا، إلى أبد الآبدين.