اقتصادصحيفة البعث

“السائح الصغير” مستجد سياحي بأبعاد تتجاوز التثقيف إلى الاستثمار في النشء والمنشآت

 

امتلاك أطفالنا منذ الصغر للثقافة السياحية اللازمة والنابعة من إدراكهم لمكانة وطنهم ومكنوناته من كنوز وتاريخ، يعني أن نمتلك جيلاً من الفاعلين الحريصين على كل ذرة تراب من أرض سورية، وضمن هذا التوجه والنهج فإن السائح الصغير ليس عنواناً لفعالية دورية تعزز التشاركية بين الوزارة والشركاء الاستراتيجيين المعنيين بذلك فحسب، بل هي خطوات متتالية نحو الهدف الأوسع في بناء السياحة كثقافة حياة يومية يمتلكها كل سوري، يُبدأ بالعمل عليها من المكان الصحيح وهو الطفل السوري، هذا ما أوضحه وزير السياحة المهندس بشر يازجي خلال انطلاق فعاليات مهرجان السائح الصغير المركزي الرابع الذى تقيمه وزارة السياحة بالتعاون مع منظمة طلائع البعث في خان رستم باشا، الذي احتضنته محافظة حماة، وبمشاركة نحو 400 مبدع ومبدعة.
بهذا الفكر والمفهوم المتجاوز للسياحة كصناعة اقتصادية، أوضح يازجي أن السائح الصغير جزء من ثقافة يحرصون على غرسها في وعي الكبير والصغير، كون السياحة لا تعني بالضرورة رفاهية وترفاً، ولكن تعني أيضاً أن نعرف بلدنا جيداً، ونعرف كيف نعيش تفاصيله ونتمتع بمقوماته المتاحة للجميع، وبدورنا نضيف كيف نستثمر وأين نستثمر أيضاً.

من بوابة..
الشعور بالتقدير والفخر كان حاضراً في كلام الوزير، نتيجة للتعاون الدائم والمستمر مع منظمة طلائع البعث وسائر المؤسسات والمنظمات التي تحتضن الأطفال، خاصة أن هذا التعاون يقارب الطفولة من بوابتها الأهم، أي كطاقات ومشاريع تعنى بها تلك الجهات عبر اعتنائها بتنشئتهم تنشئة سليمة يتمكنون خلالها من تجاوز ما يعيشونه اليوم من ضغوطات قد تشوه طفولتهم إن لم يتم التعامل معها بشكل دقيق وفقاً لتعبير الوزير الذي لفت إلى أنه عندما قرروا العمل بخطوات مدروسة مع الشركاء الاستراتيجيين، كانوا يسعون ولا يزالون لأن تكون هذه الخطوة جزءاً من عمل وزارته على الاستثمار الرابح دوماً وهو الاستثمار في الإنسان، معتبراً –وهو أمر مسلم به ومحق وصحيح كلياً- أن خير بداية هي في الطفل والطفولة؛ لذلك كان تأكيده على أن العمل على بناء جيل مدرك لمقومات بلده وفرادته وأهمية دوره في بناء حاضره وحماية ماضيه، سيكون الحافز الأقوى لدفعه نحو المبادرة ذاتياً للإنجاز، ولاسيما أن هناك مسعى كي يغدو الحرص على المستقبل هاجسه -أي الطفل – المرافق للعمل.

استناد..
تسعة فروع للطلائع مثلت محافظات تسع (حماة وحمص وحلب ودمشق والسويداء ودرعا والقنيطرة واللاذقية والرقة) في المهرجان، الذي كان ملتقى رائعاً بفنونه وعروضه وصناعاته المتنوعة من أزياء شعبية ومهن يدوية وحرف تقليدية ربطت الماضي بالحاضر، وبجولات سياحية يومية للأطفال على عدد من المواقع الأثرية في المحافظة، ما شكل حافزاً ودافعاً قيمياً وعلمياً وعملياً، لإبداعات يجري الشغل عليها، ولطموحات نأمل أن تأتي أوكلها على المدى القريب والبعيد، استناداً للمخطط والمدروس من جدوى فكرية وحضارية واقتصادية.

هم الرهان
إذاً نحن أمام توجه ليس جديداً، وإنما مستجد سياحي في مقاربته الاستثمارية “الطفولية” ذات الخصوصية والحساسية العالية، التي وإن ما استطعنا تنفيذها وإنجازها، فدون أدنى شك سنكون يوماً أمام مشهد سياحي سوري مكتمل الأركان، ولعلنا سنكون فيه -إن لم نكن سباقين عربياً وإقليمياً– منافسين في الثقافة والاستثمار السياحيين، وهذا مربط ورباط أي سياحة تجهد كي تحظى بأن يكون لها مكانة متقدمة في السوق السياحية العالمية..
وهنا لا يسعنا إلاَّ الانتظار والترقب لمآل ما تقوم به وتعمل عليه الجهات الآنفة أعلاه، خاصة وأنها تستثمر في أجيال، واستثمارها يحتاج لمثابرة في المتابعة والتطوير والتغيير، فعقول أطفالنا تكاد تسبقنا، وهذا ما عليه الرهان، فهل نفسح لها المجال كي تنجح وننجح، يبقى أن نشير إلى أن هكذا استثمار مديد له من التكاليف الكثير من المتطلبات المادية وغير المادية، وعليه غير مقبول مطلقاً الخسارة فيه.
قسيم دحدل
Qassim1956@gmail.com