اعتراف ترامب.. تأجيج للتوتر
يحذّر المراقبون من أن اعتراف ترامب بضم الجولان السوري المحتل إلى الكيان الصهيوني قد يغيّر على أرض الواقع الحقائق في الشرق الأوسط، وهو ما لا ينبغي لأحد أن يقلل من أهمية آثاره العالمية البعيدة المدى. لقد ادعى ترامب أن احتلال الكيان الصهيوني للجولان المحتل، وإعلان ضمه بعد 14 عاماً، إلى جانب بناء المستوطنات فيه، كلها أمور مبررة “لاحتياجات إسرائيل” الأمنية، حسب زعمه.
ويا له من هراء، ترامب يقلب الحقيقة رأساً على عقب، فقد استخدم الكيان الصهيوني الجولان منصة لتسليح ودعم العصابات الإرهابية المسلّحة في سورية، بما فيها “داعش”.
الاعتراف الأرعن، والذي يمثّل انتهاكاً فاضحاً للمواثيق والقرارات الدولية ولسيادة الدول وحق الشعوب بتقرير مصيرها، أتى وسط تقارير تفيد بأن القوات الأمريكية تعزّز تواجدها اللاشرعي في الجزيرة السورية، بما في ذلك مناطق إنتاج النفط والغاز الرئيسية، رغم إعلان ترامب المناور في نهاية العام الماضي أنه على وشك “إعادة القوات الأمريكية الموجودة في سورية” إلى أرض الوطن. لكي يعود ويقره في فترة لاحقة لإبقاء حوالي 1000 جندي في الأراضي السورية، فيما شوهدت القوات الأمريكية وهي تنقل كميات كبيرة من الأسلحة والمواد إلى المنطقة التي تحتلها الولايات المتحدة.
من الناحية السياسية على المدى القريب، هدف “اعتراف” ترامب بلا شك إلى دعم حليفه اليميني نتنياهو، في الانتخابات الإسرائيلية، ولكنه “اعتراف” سيؤدي في المقام الأول لتأجيج الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي الجولان وفي جميع أنحاء المنطقة، أي التحوّل نحو السياسة الفاشية العلنية المرتبطة بازدياد النزعة العسكرية في “إسرائيل”، وهو الأمر الذي بدا واضحاً في الانتخابات الإسرائيلية، التي فاز بها اليمين المتطرّف.
إن تقديس إدارة ترامب للاستيلاء الإسرائيلي على الجولان يمهّد الطريق أمام الغزوات الجديدة والأكثر دموية، وإحياء الاستعمار الصريح للقرن الحادي والعشرين، وهذه الإدارة إنما تحاول إضفاء الشرعية على جريمة استمرت نصف قرن من أجل تمهيد الطريق لحروب أكبر بكثير في الشرق الأوسط.
سمر السمارة