أخبارصحيفة البعث

السعودية المطيعة جداً لأمريكا

 

أقر الكونغرس الأمريكي عام 2000 مشروع قانون ضد منظمة أوبك أو ما يعرف بـ (نوبك) ويهدف إلى منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط، وتغيير قانون مكافحة الاحتكار ليسمح بمقاضاة منتجي أوبك بتهمة التواطؤ.
هذا القرار أشعر النظام السعودي بالمذلة، ولذلك جاءت ردّة فعله سريعة، من خلال طرح رغبته بالبحث عن بدائل للبترودولار، وهي حركة استعراضية لا تعدو محاولة لجعل الكونغرس يتراجع عن إقرار المشروع، إضافة إلى دفع أمريكا للتراجع عن مشروع قانون آخر أثاره الكونغرس قبل حوالي الثلاث سنوات ويقضي بتحميل الرياض المسؤولية عن دورها في هجمات 11 أيلول 2001.
وكخطوة أولى سارع النظام السعودي للحديث عن بيع سندات خزانة وأصول أمريكية بمئات المليارات من الدولارات، وهي محاولة لرفع معنوياته وتعزية نفسه باللجوء إلى خطاب جديد يدعو إلى إسقاط الدولار كعملة رئيسية في بيع النفط السعودي. مع العلم أن قرب انهيار الدولار وتهاوي عرشه بات أمراً وشيكاً في ظل تزايد التوجّه في معظم دول العالم للتخلي عن العملة الأمريكية بعد أن طفح الكيل من الغطرسة والعقوبات الاقتصادية الأمريكية، لاسيما بعد أن تبنّت دول أوبك نظام “البترويوان”، الذي أصبح أكبر مستهلك للنفط في العالم في ظل تحوّل مركز الاقتصاد العالمي من الغرب إلى الشرق، وهو الأمر الذي ينذر بمواجهة حتمية بين “البترودولار والبترويوان”.
شعر النظام السعودي بخطورة وضعه الاقتصادي وحتى الوجودي، وما كان أمامه سوى إغراق المنطقة والعالم بالبترول وتخفيض أسعاره ليستخدمه كدرعٍ يدافع فيه عن نفسه من الخطر الأمريكي وذلك باستخدام احتياطاته النفطية ومخزونه الدولاري الداخلي، وللرد على أي خطوة تتخذ ضده من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الحقيقة هي أن: إن فرض أي عقوبات أمريكية على السعودية قد يؤدي إلى كارثة اقتصادية تقود إلى انهيار الاقتصاد الأمريكي.
من الواضح حتى الآن أن هذا اللعب والتناغم بين النظام السعودي وحليفه الأمريكي ليست إلا بروبوغاندا إعلامية لإثارة القلق في سوق النفط العالمية، لأنه على الرغم من المحاولات الحثيثة لإقرار مشروع هذا القانون إلا انه لم يتمّ إقراره بعد، وقد صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه ساند مشروع قانون (نوبك) في كتاب نشره في عام 2011 قبل وصوله للسلطة، ولكنه لم يقرّه بعد أن أصبح رئيساً للولايات المتحدة، وبدلاً من ذلك أكد على أهمية العلاقات السعودية الأمريكية وبأنه لن يتخلى عن السعودية وعن استثماراتها التي تقدر بمئات مليارات الدولارات، ومن ضمنها المعدات العسكرية الأمريكية، ليس حباً بالسعودية بل لكي لا يسمح لروسيا والصين بالتفوّق، وخاصةً بعد مقتل جمال خاشقجي أواخر العام الماضي، حيث جاءت القطيعة بين الرياض وواشنطن لتصب في مصلحة كبار منتجي النفط من خارج أوبك، كروسيا، وأيضاً في مصلحة كبار المستهلكين، كالصين والاتحاد الأوروبي، الذين كانوا يدعون إلى التحرّك بشكلٍ جدي لاتخاذ إجراءات من شأنها أن تسهم في تنويع التجارة العالمية وإضعاف تأثير الولايات المتحدة الأمريكية على الاقتصاد العالمي، لكن كل ذلك لم يحصل لأن الاختبار كان مجرد فقاعة.
لمى عجاج