اتحاد الكتاب يحتفي بالثقافة في كلية الآداب
اغتنت الأيام الثقافية التي أقامها اتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاتحاد الوطني لطلبة سورية بمناسبة أعياد آذار ونيسان والتي امتدت على ثلاثة أيام بأفكارها ومحاورها الغنية في كلية الآداب مكان تواجد الطلاب والشباب، ولكن للآسف لم تلق أذاناً صاغية وبقيت معظم الأماكن فارغة وتواقة إلى حضور يسمع ويتفاعل ويشارك، لأن الحضور الطلابي كان قليلاً للغاية وهم أساساً الهدف والغاية الأولى والأسمى لهذه الأيام الثقافية التي خصصت اليوم الأول للشعر والثاني للقصة وتم ختامها بيوم الفكر بعنوان “الأدب والسياسة والحياة” وأدار الندوة الشاعر محمد الحوراني الذي أكد أن هذه الفعالية موجهة للطلاب ولو أردنا أن نقيمها لأعضاء الاتحاد لأقمناها في قاعاته، ولكن هدفنا هو شريحة الشباب التي استهدفت في الحرب ونريد التركيز عليها أدباً وسياسة وفكراً.
الهوية والحرب
ومن خلال محور “الهوية والحرب” قال د. إبراهيم علوش: في أيام الحرب يصبح الحديث عن الهوية حاضراً بقوة، وهذه الحرب القاسية التي تعرضت لها سورية جعلت الكثير من السوريين يشككون بمقولة العروبة، وباتوا يعتبرون الحديث عن العروبة هو حمولة زائدة لا طائل منها وأنهم دفعوا الثمن من أجل لاشيء، وهذا خطأ يتم الترويج له بشكل واسع وبعضه مخطط ومدروس وبعضه جاء كردة فعل لما شعر به السوريون بعد أن رأوا أن العرب يشاركون في الحرب ضد وطنهم.
وتطرق علوش إلى أن كل قطر عربي مر بأزمة أو حرب تساءل مثلما يتساءل السوريون عن موضوع الهوية، مؤكداً أن ما يتم ترديده في الساحة السورية ليس أمراً جديداً ويؤسفني أن أقول أن هذه الصيرورة وإعادة اكتشاف الذات حدثت في كل قطر تعرض لأزمة، معتبراً أن المقولات التي روجتها بعض الأقطار العربية التابعة للغرب عبر خطابها الإعلامي- بأن المآسي التي تعرض لها العرب هي نتاج الخطاب “الخشبي” وهم يعنون بذلك الخطاب الوطني التحرري المناهض للاستعمار والمنادي بفكرة العروبة- هي ذات مصلحة وثيقة بالقوى الرجعية، وأشار إلى أنه منذ أن تم تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية بدأت الهجمة على العروبة من داخل سورية وخارجها، متسائلاً هل الجامعة العربية تمثل حقاً العروبة ؟ فهي بالأصل ليست مشروعاً قومياً بل تمثل منظومة التجزئة وتحافظ عليها، ورأى أن الوحدة ليست فقط نتيجة انتماء بل هي ضرورة سياسية.
الثقافة والحرب
وأوجزت د. ناديا خوست محور “الثقافة والحرب” بثلاثة أمور أنه لا توجد ثقافة بدون مجتمع فالثقافة تنجد الوطن ولذلك يخترقها العدو ويسدد عليها النار، معتبرة أن ما يخص ثقافة السوريين حكمها موقعها الجغرافي وعندما اشتعل الصراع على مد أنابيب الغاز والممر إلى البحر المتوسط نظم الغرب هذه الحرب على سورية لكنه لم يعد وحده صاحب المصالح، فأصحاب النفط والغاز أًصبحوا أداة في الصراع على ممراته ولم تعد القومية واللغة والتاريخ هي الجامع بل المشروع المالي، لافتة إلى أن الثقافة منظومة قيم ثقافية وأخلاقية وجمالية والحرب استهدفتها كجزء من مشروع تفتيت الهوية الوطنية،مشيرة إلى أن ثقافة السوريين تؤكد مجموعة من الأمور هي الاعتزاز بأن سورية موطن العروبة وبأن الحضارة العربية اختزلت ثقافات الشعوب، وبالتمازج بين الحضارات والإعجاب بالثروات الإنسانية ومنتجاتها الفكرية والأدبية ،وبأن الجيش هو المؤسسة التي تحمي الثوابت الوطنية، مبينة أنه بكل هذه الثقافة المؤسسة على تلك الثوابت واجهنا الحرب على سورية، ورأت خوست بأن الثقافة الوطنية تواجه خطر توظيف المال وتمويل الأبحاث وتقديم الجوائز واختراق الثقافة العربية وعقد المؤتمرات الثقافية والاقتصادية.
ماهية وصيرورة
وتحدث د. عاطف البطرس في موضوع الهوية بين الماهية والصيرورة، مؤكداً أن سؤال الهوية ليس سؤال الحاضر بل هو سؤال الماضي وسيبقى سؤال المستقبل لأن الهوية ليست منجزا منتهيا بل قيد التشكيل ومحكوم بالتاريخ والمعرفة، مشيراً إلى مجموعة تعريفات للهوية بمعنى الشيء الثابت المتكرر في المجتمع والعمق والقرار والجوهر، وكل هذه التعريفات تفضي إلى مختصر أن الهوية فكرياً وفلسفياً هي الثابت النسبي الذي لا يميل إلى التحول، ولكن إذا سلمنا بهذه التعريفات السابقة نكون وافقنا على تضييق الهوية وانغلاقها ونفينا عنها الصيرورة، علماً أن الهوية ليست كينونة ثابتة بل صيرورة متغيرة وفق التاريخ واحتياجات الناس، وهي خيار حر ونحن من نختار هويتنا ولا نقبل أن تملى علينا، ويجب ألا نتجاهل أي جزء منها، ليخلص إلى القول أن الهوية مركبة ومتبدلة وصيرورة وتفاعلية وليست جزئية أو ثابتة وهي لا تعرف الانغلاق وليست كينونة أبدية، وهذا الفهم للهوية نفسها ليس ثابتا بل قابل للتبدل والتغير بتبدل المعارف والتجارب.
لوردا فوزي