المدارس الخاصة تحت المجهر وشائعات زيادة الضريبة غير صحيحة “بريستيــــج اجتماعــــي” مبنـــي علــــى مخالفــــات بالجملة في ظـــل تفـــوق “الحكوميـــة”
بات مستغرباً هاجس الأهالي المصرين على تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة رغم الأرقام الخيالية والجنونية المتجاوزة للسقف المحدد من قبل وزارة التربية حسب القرارات الصادرة بهذا الشأن، ليتحول الهاجس إلى حلم يؤرق بعض الأهالي ولاسيما باعتقادهم أن عنوان التفوق مكتوب على أبواب المدارس والمعاهد الخاصة، علماً أنه وحسب إحصائيات نتائج الشهادتين خلال السنوات الماضية تؤكد غلبة المدارس الحكومية على الخاصة بالمتفوقين والحاصلين على أعلى درجات.
“برستيج”مزيف
يصف خبراء تربويون هذا الإصرار من الأهالي “بالبرستيج” الذي تتباهى به العائلات أمام بعضها بغض النظر عن التغذية الراجعة من أغلب هذه المدارس، معتبرين أن مشكلة المدارس الخاصة لم تقف عند حدود ارتفاع الأقساط بل تعدت ذلك إلى مخالفة المدارس للتعليمات الإدارية بالنسبة لقبول الطلاب وطريقة التسجيل وخاصة بالانتقائية من الطلاب وحسب درجات التحصيل للحفاظ على سمعة المدرسة، فكل مدرسة خاصة تطمح لاستقطاب المتفوقين للتغني بالنتائج نهاية العام الدراسي وكأن الفضل يعود إلى اسم المدرسة لا لجهود وتفوق الطلاب، إضافة إلى موضة الاستثناءات أو “السبر” قبل التسجيل، علماً أن إجراءات السبر تكون مخالفة للتعليمات التربوية الناظمة وذلك حسب تأكيدات مدير التعليم الخاص في وزارة التربية وائل محمد الذي لم يتردد في تشكيل لجنة للكشف على المدارس التي تقوم بهكذا إجراء مخالف بناء على الشكاوى المقدمة، معتبراً أن هناك ضوابط وأنظمة تربوية لابد من تطبيقها على المدارس الخاصة لضمان سير العملية التعليمية، علماً أن الوزارة تتابع واقع المدارس الخاصة، من خلال الجولات الرقابية.
تصنيف ومعايير
وكشف محمد عن قيام الوزارة بإعداد دراسة جديدة من أجل تصنيف مستويات المؤسسات التعليمية الخاصة حسب شروط وزارية، حيث يتم تقييمها بناء على معايير علمية محددة تضمن التنظيم والتقيد بالأقساط حسب تصنيف كل مدرسة، مبيناً أن أي مخالفة أو شكاوى صادرة يتم التدقيق والتحقيق في المدرسة واتخاذ الإجراءات اللازمة والعقوبة المالية. ومع جملة المخالفات المرتكبة من المدارس الخاصة جاء قرار وزارة المالية عن طريق الهيئة العامة للضرائب والرسوم القاضي بإخراج مهنة المدارس والمعاهد الخاصة من زمرة الدخل المقطوع إلى زمرة الأرباح الحقيقة؛ مما أثار حفيظة أصحاب المدارس الخاصة الذين بدؤوا بعملية استباقية ونشر الشائعات عبر صفحات التواصل الاجتماعي والحديث مع أهالي الطلاب أن القرار سيجعلهم يرفعون الأقساط المدرسية تماشياً مع ارتفاع الضريبة ليقع الأهالي ضحية مخاوف هؤلاء، ويدفع الطالب الفروق المتوقعة بين الضرائب القديمة والجديدة باعتبارهم الحلقة الأضعف، علماً أن قرار هيئة الضرائب لن يغير شيئاً بقيمة الضريبة، وليس له أي انعكاسات سلبية على المدارس والعملية التربوية.
طمأنة ضريبية
يؤكد مدير هيئة الضرائب والرسوم عبد الكريم الحسين في تصريح خاص “للبعث” أن القرار هو إجراء اتخذته الهيئة يتعلق بعمل التكليف الضريبي بنقل مهنة المدارس والمعاهد الخاصة بكافة مراحلها من فئة التكليف بالضريبة على الدخل المقطوع إلى عداد المكلفين بضريبة الأرباح الحقيقية وذلك بدءاً من أول 2020، لافتاً إلى أن الضريبة نفسها ولكن اختلفت الزمرة من دخل مقطوع إلى أرباح حقيقية، حيث يترتب على أصحاب المدارس الخاصة تقديم بيان خطي إلى المالية بنتائج أعمالهم السنوية الصافية وفق المهلة المحددة في المادة 2 من المرسوم التشريعي رقم 51 لعام 2006. ويأتي قرار الهيئة واضحاً لا زيادة على الضريبة حسب تأكيدات مدير عام الهيئة والذي طمأن المواطنين الذين يخشون ارتفاع أقساط التعليم في المدارس الخاصة أصلاً قبل صدور القرار الجديد، علماً أن أقساط المدارس الخاصة تتراوح ما بين 300 ألف ومليون ليرة حسب المدرسة والتصنيف والخدمات التعليمية والترفيهية التي تقدمها، علماً أن هناك عدداً لا بأس به من المدارس ورياض الأطفال والمعاهد غير المرخصة تتقاضى مبالغ مرتفعة وكأنها مستوفية الشروط التنظيمية.
نفقات مهدورة
في الوقت الذي لفت خبير متابع للشأن التربوي إلى زيادة في المدارس والروضات غير المرخصة مستغلة الظروف الراهنة؛ مما يتطلب من وزارة التربية التدقيق والمتابعة المستمرة لهذه القضية وخاصة أن أموالاً كثيرة لقاء رسوم ونفقات التراخيص تخسرها الخزينة جراء الفوضى الحاصلة في زيادة المنشآت التربوية الخاصة خارج أطر القانون والتنظيم التربوي، علماً أن “المرسوم التشريعي رقم 35 لعام 2010 حظر استخدام العقارات والأماكن غير المرخصة وفق التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2004 الناظم للمؤسسات التعليمية الخاصة للتعليم ما قبل الجامعي كمؤسسات تعليمية أو كمراكز أو مكاتب للتدريس أو لتقديم خدمات تربوية أو تعليمية لمجموعات من الطلبة ذات صلة بالمناهج التربوية الرسمية”، علماً أن التربية تقوم بجولات دورية وتنظيم ضبوط بحق المدارس المخالفة، حيث تفيد التصريحات على لسان مدير التعليم الخاص أنه تم ضبط 92 مخالفة لمؤسسات غير مرخصة وذلك منذ بداية العام لنهاية الشهر الماضي، موضحاً أن الإنذار الأول يتضمن غرامة 500 ألف ليرة بالنسبة للمؤسسات غير المرخصة، وفي حال الإنذار الثاني يضاعف المبلغ وتغلق المؤسسة بعدها، وبالنسبة للمؤسسات المرخصة فإن أي زيادة بأعداد الطلاب عن القدرة الاستيعابية فقد تصل الغرامة إلى كامل المبلغ المسدد على كل طالب زائد، وقد تصل الغرامات إلى 10 ملايين في بعض الحالات تصل إلى 50 مليون ليرة، إضافة إلى الإيقاف المؤقت للمؤسسة، والوضع تحت التصرف، والإيقاف الدائم في حال القضايا الكبيرة، علماً أن تسلسل العقوبات يؤدي إلى الإغلاق.
تسوية
آخر القول علمت “البعث” من مصادر مطلعة في وزارة التربية عن دراسة لإمكانية تسوية للمدارس غير المرخصة أسوة بتسوية مخالفات البناء؛ مما يعود بالفائدة على التربية وحسن سير العملية التربوية وخاصة أن هذه المدارس المخالفة أصبحت واقعاً لا يمكن إنكاره أو قمع الظاهرة بالكامل، فلابد لوزارة التربية من إعادة النظر بواقع المدارس الخاصة وتنظيمها، ولاسيما أن رئاسة الحكومة قد طلبت من التربية تقديم دراسة كاملة عن واقع التعليم الخاص.
علي حسون