ثقافةصحيفة البعث

“بوابات الجلاء”..الإحتفاء بالبطولة

 

 

ثمن الحرية والكرامة كبير.. هي كلمات كتبها شهداء الوطن بدمائهم الطاهرة حين رفضوا الذل والتبعية وكانت تضحياتهم السبيل إلى الاستقلال، وفي كل عام تعود ذكرى الجلاء لتشرق من جديد ولتثبت أن أرض سورية عصية على الطامعين، لا تساوم ولا ترضخ مهما كان الثمن، وبالتأكيد للجلاء معان كثيرة ورمزية كبيرة في نفوس السوريين، من هنا كانت الندوة التي أقامتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل- رابطة رجال الثورة السورية الكبرى في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق تحت عنوان “بوابات الجلاء” وألقت الشاعرة ليندا إبراهيم، وهي حفيدة أحد المجاهدين الذين استشهدوا خلال الثورة في الساحل السوري ضد المستعمر الفرنسي قصيدة من وحي المناسبة.
واعتبر رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب محمد الحوراني خلال إدارته للندوة أن حجم الانتصار كبير ويحمل معاني كثيرة، والثوار هم من حققوا هذا النصر ويكفي أن نعلم أن حفيد غورو في مناسبة الجلاء اعتذر من الشعب السوري عما فعله جده، ولفت الحوراني إلى أنه وبالرغم من الدراسات والأبحاث الكثيرة التي أنجزت عن تلك الفترة إلا أننا مازلنا بحاجة لدراسة متأنية ودقيقة تعطي تلك المرحلة حقها.
كما ألقى كلمة رابطة رجال الثورة السورية نصوح سلوم الذي رأى أن يوم الجلاء كان منعطفاً هاماً ومميزاً في التاريخ السوري وهو عنوان لإرادة الصمود والحرية وهو ما جسده من خرجوا من دمشق في معركة ميسلون ليواجهوا دخول المستعمر الفرنسي ويعلنوا للعالم محبتهم لوطنهم، وليبقى ما صنعوه ناصعاً في تاريخ سورية والجلاء، كما أكد سلوم أن ما تحقق كان بفضل قرابين الشهداء واليوم نستلهم معانيه في الصمود والمقاومة والتحرير للقضاء على الإرهاب وعصاباته، معتبراً أن سورية تدفع اليوم ثمن خيارها الوطني والقومي وستبقى رمزاً للمقاومة والصمود .

ليس الهدف التغني بالماضي
وتحدثت د. ريم الأطرش حفيدة قائد الثورة السورية الكبرى عن بعض الأحداث والمواقف التي ظهر فيها الفكر والقيم التي كان يحملها المجاهد سلطان باشا الأطرش، وأكدت أن جدها كان مصراً على أن الثورة السورية الكبرى لم تدم عامين فقط بل 12 عاماً، صحيح أن المعارك العسكرية استمرت لعامين لكن المقاومة في المنفى دامت 10 سنوات وهذا جزء من الثورة، وأضاءت الأطرش على بطولات الثوار في المعارك ومن ذلك معركة المزرعة التي كان فيها تعداد الجيش الفرنسي 12 ألفاً وعدد الثوار 400 فقط وهم من الفقراء، كما أشارت إلى الدور البارز للثوار على المستوى السياسي لأن تفاوض السياسيين السوريين مع سلطات الانتداب كان يعتمد على صمود الثوار حتى أيام المنفى، وأكدت الأطرش أنه ليس الهدف من هذه اللقاءات التغني بالماضي بل أن تكون الثورة السورية الكبرى عبرة، وأننا في سورية بصمود جيشنا وقيادتنا وشعبنا نستطيع أن نفعل المستحيل.

المرأة ودورها الكبير
ورأى محي الدين غنيم وهو ابن المجاهد محمد سعيد غنيم أن البوابة الأولى للجلاء كانت معركة ميسلون فقد كانت هذه المعركة وأيقونتها الشهيد يوسف العظمة عنوان النضال الأبرز ومقاومة المستعمر، وبعد ميسلون بأقل من عام تم بتخطيط وتنظيم من الشهيد أحمد مريود وبمشاركة الثوار محاولة اغتيال غورو وحينها قتل مرافقه وكانت هناك محاولة أخرى لاغتياله، ومن أهم وقائع الثورة مهاجمة قصر العظم مقر إقامة المندوب السامي الفرنسي والذي تلاه القصف الفرنسي لدمشق. والجانب الأهم الذي ذكره غنيم في مداخلته هو مشاركة المرأة ووقوفها جنبا إلى جنب مع الرجل حيث لم تكتف بدورها التقليدي في نقل الذخيرة وتضميد الجراح، بل حملت البندقية إلى جانب الرجل وكانت هناك مئات الشهيدات في ساحات القتال.

القليل من الوثائق
ختام الندوة كان مع رئيس اللجنة الوطنية لذاكرة الشمال السوري محمد خالد عمر الذي اعتبر أن الجلاء ليس حدثاً بل سجل أحداث كامل كانت سورية كلها ميدانه، ورأى عمر أننا قصرنا في تدوين هذا الحدث التاريخي حيث لم يدون ويحفظ بوثائق، وهناك القليل من أحفاد رجال الثورة ما زالوا يحتفظون ببعض الوثائق، من هنا كل ما كتب ودرّس لا يعطي الموضوع حقه وهناك الكثير من المواقف والأحداث لم تذكر، وتحدث عمر في جانبين الأول يخص الميزات التي تمتع بها المجاهد إبراهيم هنانو والجانب الآخر يتحدث عن ميزات الثورة السورية الكبرى، وقدم للحفل الأديب غسان كلاس.
جلال نديم صالح