ثقافةصحيفة البعث

قسم من حب ووعد

 

سيأتي غد أعدك، وسترتدي عباءة ملكوتك الشمس وستنفض أحجية الغمام عن احتجابك سنينا خلف ستائر الظلام، لتشرق لنا نبضا يكتسي حلة السلام،ويقتفي بطيرانه وهيام جناحيه النور وعدا كل فضاءات الحمام، إن هدلت للحق والحب بنبرة تلفظ حرفك نغمة نغمة مع كل تقاسيم الحنان.
سيأتي غد ونقسم بجلال وقعك بين الضلوع ألا يعود يبزغ من ميقات لحظاتك إلا ما رسمته أمسياتنا على شفاهك السمر من أغان تمجد اسمك القدوس وترانيم من غياهب الشعر تزدان بعواميدك الطهر. صباح مساء، ولكن، وربما فلا تكترث قد يرتدي بعض من أيامك عباءة حزن ويتكرر هطول الدمع من آونة إلى أخرى من بين ضلوع مدائنك..قد تهب عواصف ونسائم باردة على محياك لتعصف بي وبك وبصمودك الجليل عبر الزمن أمام قامة المحن تنبئ بقرب انكسارات زندك، وقد يأتي يوم تنسى الزهور بتلات تبرعمها من ثلج القسوة وهشيم حروب مستعرة ولا تتذكر إنباتها إلا على مشارف مدن ارتدت حالك اللون، واكتست قدرا شاحب العنوان
لتذكرها بعد ذلك بغد مليء بعطرك بعد طول هطولات الضيم تقرحا وشوكا، وقد تختال سماؤك حيرة وينقلب وجه بحرك عبوسا غاضبا من قراصنة الحروب والدم، وقد ينهمك صباحك بإزالة رهائن الأوجاع والقهر عن محياه الصبر، وينشغل ليلك بمحو زنازين المفقودين ومحو خرائط التائهين وتجبير ضلوع الثكلى وطمأنة الساهرين المرابطين على تخوم حدودك السماوات بتعاويذ الرحمة والفرج والفرح من قلب العشق آمين، وقد يشهق الفجر آلاف المرات ويجهض في حلق الظلمة مرارا قبل اقترابه من نورك الحق، وقد يحل ثوب الفوضى ويرتدي الوقت فيك كسوة النزوة من اغتراب وتهجير وتدمير وتعتيم في مرادفات النجاة والنجوى بحثا عن سكنى ومأوى.
وقد تفر عنادل الطمأنينة إلى بلاد قرمزية المظهر خبيثة المغزى، تمتهن صناعة الشكوى والأنين في قلب كل زهرة، أو ثمر ركب بحار الاغتراب عنك عنوة، لكن أعدك واقسم كل ثانية بأنفاسك الحق كل زمان، وقد وقد وقد وقد.. لكن أعدك طالما انك وجدت ضوءا، منك تبزغ شمس الحياة لتضيء الكون وتحيي كل حي وبك نحيا، لن يمس جلال هيبتك معتد، ولن أفرط بلحظة من عشقك واحتضانك في نبضي وحقائب سفري وكلماتي، ولن أتوقف ثانية عن أن أرنم صلاة لبقائك حرا، ولن اقصر يوما أن ارتدي لهفتي للقائك، وامتطي مجاديف صمتي وحبك لأصل إلى كل منبر يتلو وعدك وينصف حقك ويعلي من راية نصرك في كل أوان وزمان أو إلى ماخلفهما من دروب تكتب للأيام عناوينك بأحرف المغفرة، فوحدك الرحيم الذي يعفو للتائهين عن طريقك كل عثرة، ووحدك الكريم الذي وسع صدره حتى للائمين المتاجرين بهوائك ومائك وسمائك وأبنائك في مضايق الفكرة، ووحدي أنا من سترمم أساطيرك الخالدة بتواريخ المجد أينما حل الشعر لفظه، وأينما سنحت العين بالرقص فرحا كرمة عرس نصرك، وأينما غنى القلب لفرحك ولبقائك سالما غانما معتلٍ عنفوان القدرة، وكلما سنحت الفرصة سأزيل من ذاكرتك كل ثقب أو أغبرة وزوبعة، واعدك بعد كل ما مر وما كل احتمال له مقدر أم مكتوب بك يحظى: أن تزول كل الآثام والآثمين من دربك ولا يبقى في متسعك الرحب سوى الفرح، فواحد تليق به الأعراس وتطيب به ليالي الوجد لتعلو من شأنه الحياة والبهجة، وحدك من يليق به كل صبح ووحدك الباقي خلف كل العابرين والتائهين والأسماء والأفعال والأوزان والأزمان، ووحدك الغيب المحقق خيرا في رحم العبرة، لكن أعدك واقسم كل ثانية بأنفاسك الطهر كل زمان، يليق بك النصر إعمارا لإنسان من النور وجد بك واليك حج بقلبه لاحتضانك نجما عرشه السماوات وليس أدنى.. أعدك موطني حبيبي.
رشا الصالح