اللوحـــــــة والتاريــــــخ
يحتفي التاريخ الإنساني بما أنجز من أعمال فنية تشكيلية اتسمت بالبقاء والديمومة وتشابهت فيما بينها بأسباب الولادة، أول هذه الأعمال يعود للفنان الاسباني العظيم غويا 1746-1828 حيث رسم لوحته “الإعدام بالرصاص” التي جسدت مذبحة 3 أيار1808 التي ارتكبها جنود نابليون وانتهى من رسمها سنة 1814، وقد عرضت بعد خروج القوات الفرنسية من اسبانيا وتمثل جنوداً يطلقون النار على المدنيين العزل الذي واجهوا الجنود بصدورهم وأكفهم المفتوحة للهواء. أما اللوحة الثانية رسمها بيكاسو 1881- 1973 اسمها مذبحة كوريا أو مأساة كوريا 1951 واللوحة هذه تمثل قبح الديمقراطية الأمريكية القائمة على الحرب والغزو ونهب ثروات العالم، ولم تكتسب هذه اللوحة شهرة لوحة الغرنيكا المعروفة التي تمثل فظاعة ما أرتكبه العدوان على القرية الاسبانية من قبل النازيين، ومثل هذه الأعمال الفنية العشرات التي أبدعها الفنانون في العالم ومازالوا يرسمون للإنسان والوطن والحياة، إلا أن الماكينة الدعائية تقدم أعمالاً دون سواها وتحارب ما لم يتفق مع سياسات أصحابها ومشاريعهم، وفي بلادنا العربية تحديداً تقدمت الفنون التشكيلية إلى طليعة الأعمال الإبداعية مثلها مثل الشعر والرواية بتناولها قضايا التحرر والحرية ومقاومة الاحتلال والعدوان، وأنتج الفنان العربي خلال أكثر من نصف قرن مضى منتجاً كبيراً لا يقل أهمية عن فنون الآخرين ولا زال ينتج ويبدع، ولا زالت أسباب هذه الأعمال قائمة فالعدوان لم ينتهي بأشكاله العسكرية والاقتصادية، والاحتلال للأراضي العربية مازال جاثماً يمارس البطش وقضم الأرض واقتلاع الناس والشجر والحجر ويزيّف في الهوية ويسرق مفرداتها لكن في النهاية ستنتصر إرادة الحياة والحق، فلا جبروت على هذه الأرض عاش طويلاً، فكم من الغزاة مروا وطردوا… وستبقى الفنون شاهد على نضال أهل الأرض وأداة من أدوات الحياة والفوز، وما علينا إلا أن ننتبه إلا لخطورة ما نملك من هذه الأدوات على صعيد التوثيق والإعلام والتربية والتعبير، فمنتجها يعيش ويدوم ما دام الجمال والقبح مهما عظم نهايته العار الزوال.
أكسم طلاع