الوضع في سورية يتصدّر أجندة مؤتمر موسكو للأمن الشوا: تحرير إدلب والجولان أولوية.. لافروف: جبهة دولية لمكافحة الإرهاب
تصدّر الوضع في سورية، ومكافحة الإرهاب أجندة مؤتمر موسكو الثامن للأمن الدولي، وأكد نائب وزير الدفاع العماد محمود الشوا أن سورية ماضية في حربها على الإرهاب حتى استعادة آخر شبر من أراضيها في إدلب، مشدداً على أن تحرير الجولان في مقدمة أولوياتها، ولفت إلى أن أي وجود أجنبي غير شرعي على أراضيها سورية هو عدوان موصوف يجب إنهاؤه فوراً، وسيتم التعامل معه على هذا الأساس.
وفيما شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على ضرورة حل الأزمة في سورية والحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها وعودة جميع مناطقها إلى سلطة الدولة، داعياً إلى تشكيل جبهة دولية لمكافحة الإرهاب تحت رعاية الأمم المتحدة، أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أنه تم تحرير معظم الأراضي السورية من الإرهاب والقضاء على التنظيمات الإرهابية فيها باستثناء بعض المناطق التي لا بد من تحريرها.
وفي التفاصيل، قال الشوا في كلمة له خلال المؤتمر: يدرك المتابع للأحداث في سورية أن حلف العدوان والتآمر وصل إلى مرحلة اليأس والفشل في تحقيق مخططه الاستعماري العدواني بعد ثماني سنوات من حرب إرهابية قذرة شنت على سورية ولا تزال، لكنها لم تستطع النيل من عزيمة السوريين وإرادتهم في الصمود والتصدي لجميع فصولها وتحقيق الانتصار بالتعاون مع الحلفاء والأصدقاء المخلصين وفي مقدمتهم روسيا الاتحادية وإيران وبقية الأصدقاء، وأضاف: سعياً لإعادة التوازن إلى ميدان السياسة الدولية الذي اختل زمناً نتيجة الهيمنة الأمريكية والغربية والمحاولات المستمرة لمصادرة القرار الدولي استطاعت سورية بوعي شعبها وتلاحمه مع قواته المسلحة الباسلة وبحكمة قيادتها التصدي لكل فصول الحرب العدوانية التي تتعرض لها وكان عام 2018 عام الإنجازات الكبرى أو عام التحرير، فعجلة الحسم الميداني سارت من أرياف حلب وإدلب وحماة إلى الغوطة الشرقية والقلمون بالكامل، ما ساهم بالعديد من المصالحات التي تكللت في منتصف أيار بعودة ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي إلى حضن الدولة، وتتالت الانتصارات الميدانية لتحرير أرياف المحافظات الجنوبية درعا والقنيطرة والسويداء والبادية السورية ما يهيئ البيئة الاستراتيجية للقضاء على آخر بؤر الإرهاب التكفيري في القريب العاجل وإعلان النصر النهائي.
وأشار الشوا إلى أن فشل حلف العدوان يبدو اليوم جلياً في سياسات الكذب والنفاق المتواصل الذي تنتهجه الولايات المتحدة ولا سيما لجهة التعاطي مع مسألة مكافحة الإرهاب في سورية والمنطقة، حيث لا تزال مستمرة في ارتكاب المجازر وممارسة القتل والتشريد بحق المدنيين الأبرياء، ولا تتوانى في ذلك عن استخدام أسلحة محرمة دولياً في محاولة لفرض أجندتها العدوانية الاستعمارية، وأوضح أنه إضافة إلى ذلك فإن قوات الاحتلال الأمريكي وإرهابييها يواصلون احتجاز المهجرين السوريين في مخيم الركبان رهائن، وتمنع عودتهم إلى قراهم ومدنهم المحررة من الإرهاب عبر الممرات الإنسانية التي افتتحتها الحكومة السورية بالتعاون مع الأصدقاء، ما يؤكد سعي واشنطن المتواصل للمتاجرة بدماء الأبرياء ومصائرهم ومحاولة خداع الرأي العام العالمي عبر التباكي على أوضاعهم الإنسانية وادعاء الحرص على سلامتهم، وهي التي حولت المخيم إلى معتقل تمنع وصول المساعدات الإنسانية إليه، وتفرض أتاوات على من يرغب بالخروج منه عبر إرهابييها.
ولفت الشوا إلى أن الاتحاد الأوروبي تعمّد تسييس الشأن الإنساني في سورية ومحاولة استغلاله من خلال عقد مؤتمرات وتغييب الطرف الأساسي المعني أولاً وأخيراً بالشأن السوري، ما يؤكد شراكته ومسؤوليته بالكامل في الحرب الظالمة على سورية ومعاناة السوريين وخاصة من خلال الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تستهدف بشكل مباشر المواطن السوري في حياته اليومية ولقمة العيش، الأمر الذي يفقد الاتحاد الأوروبي أي صدقية عند الحديث عن مساعدة السوريين والتخفيف من معاناتهم، وقال: إن الأحداث التي تمر بها منطقتنا تشير بوضوح إلى أن الإرهاب سلاح مستمر بيد رعاته ومموليه، وتتم إعادة تدويره وتوظيفه واستثماره في هذه البقعة أو تلك تبعاً للأهداف السياسية والاقتصادية، مجدداً رفض سورية التصريحات العدائية الأمريكية بالإبقاء على جزء من قواتها على الأراضي السورية أياً كانت الذرائع التي تسوقها لمحاولة تبرير ذلك وتأكيدها على أن أي وجود عسكري أجنبي على أراضيها دون موافقة حكومتها هو عدوان موصوف يجب إنهاؤه فوراً، وستتعامل معه على هذا الأساس.
وشدد الشوا على أن ما فشل أعداء سورية بتحقيقه في الميدان لن يستطيعوا الحصول عليه في أي مكان، والشعب السوري الذي حقق قبل الحرب الإرهابية عليه مستويات متميزة في التنمية وبإمكاناته الذاتية ودحر الإرهاب قادر على إعادة إعمار ما دمره الإرهاب التكفيري وداعموه وبناء المستقبل الذي يتطلع إليه السوريون في بلدهم الموحد أرضاً وشعباً وبقراره الوطني الحر المستقل وليس بقرارات أعداء سورية دعاة الديمقراطيات الزائفة والأنظمة الخائنة، لافتاً إلى أن المساعدة الحقيقية للشعب السوري تكمن في رفع أيديهم عنها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وبيّن أن سورية استجابت لنتائج اجتماعات أستانا ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي بما يتعلق بمناطق خفض التصعيد، لكن مماطلة الجانب التركي في تنفيذ التزاماته في اتفاق سوتشي حول إدلب حالت دون إعادة الاستقرار إليها، فإرهابيو ما يسمى (جبهة النصرة) يشكلون التهديد الأكبر في معظم مناطق خفض التصعيد، ويحاولون توسيع نطاق سيطرتهم، ويعملون على إعادة تدوير وتشكيل مجموعات إرهابية متحالفة معهم للهجوم على حلب وحماة وريف اللاذقية.
وجدد الشوا مطالبة سورية بإنهاء الوجود غير الشرعي للقوات الأجنبية الأمريكية والفرنسية والبريطانية والتركية على أراضيها وحل ما يسمى (التحالف الدولي) بما يكفل إنهاء جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها بالرفع الفوري للإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي ألقت آثارها الكارثية على السوريين، وألحقت باقتصادهم الوطني أضراراً فادحة، وتسببت بمعاناتهم مع ضرورة دعم جهود الدولة السورية في عودة المهجرين إلى منازلهم ومدنهم، داعياً كل من غادر الوطن بفعل الإرهاب للعودة إليه والمساهمة في إعادة إعماره، لافتاً إلى أن الوطن لجميع أبنائه الذين ينتمون إليه بصدق.
وقال الشوا: إن الحرب على الإرهاب في سورية جزء من حرب واسعة على الساحة الدولية والإرهاب، لا يمكن حصره بمنطقة جغرافية محددة، لأنه عابر للحدود لا دين له ولا هوية، ومحاربته تتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي لمنع تمدد الفكر المتطرف وتعاوننا الصادق والبنّاء لاجتثاثه من جذوره وتجفيف منابعه والقضاء على أفكاره الهدامة ومحاربة دعاته ومموليه وداعميه ومستثمريه لتنعم أوطاننا وشعوبنا بالأمن والاستقرار ولنؤمّن لأطفالنا مستقبلاً واعداً يحفل بالمحبة والسلام، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي مطالب اليوم بالتعاون للقضاء على الإرهاب في سورية وتقديم المساعدة في إزالة مخلفات الإرهابيين من الألغام إنقاذاً لأرواح الأبرياء وللمساهمة في إيجاد حل سياسي للأزمة.
وجدد الشوا التأكيد على أن سورية ستبقى كما كانت على الدوام حاضنة للنهج العروبي المقاوم للمخططات الصهيوأمريكية في المنطقة وقبلة لكل الشرفاء والأحرار والمقاومين، وهي ماضية في حربها على الإرهاب حتى استعادة آخر شبر من أراضيها في إدلب وغيرها وتطهيرها من الإرهاب وداعميه وتحرير الجولان العربي السوري في مقدمة أولوياتها شاء من شاء وأبى من أبى بالتوازي مع استكمال عملية المصالحات، مشدداً على أن العملية السياسية هي ملك للشعب السوري صاحب الحق الوحيد في تقرير مستقبله، ويجب أن تكون بقيادة سورية والدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي يقرره السوريون أنفسهم دون أي تدخل خارجي وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
لافروف: جبهة موحدة لمحاربة الإرهاب
بدوره، قال لافروف في كلمة له خلال المؤتمر: هناك الكثير من الدول أصبحت ضحايا للإرهاب العالمي وللسياسة الدولية غير الصحيحة، ويجب استئناف العمل للتوصل إلى قرار جماعي وتشكيل جبهة دولية موحدة لمحاربة الإرهاب، مبيناً أنه رغم اقتراحات روسيا الفعالة في هذا الاتجاه إلا أن الولايات المتحدة لا تتجاوب بشكل مسؤول، وأوضح أن الولايات المتحدة وحلفاءها يعتمدون سياسة التدخل في شؤون الدول الأخرى خلافاً للقانون الدولي، مشيراً إلى أن الحلف الجديد الذي تحاول واشنطن فرضه في منطقة الشرق الأوسط يعمّق التناقضات الإقليمية وينشئ انقسامات جديدة.
شويغو: لا بد من تحرير سورية من الإرهاب
من جانبه أكد شويغو في كلمة له خلال المؤتمر أن تنظيم داعش الإرهابي تخطى حدود العراق وسورية إلى الشرق الأوسط جراء الدعم والتمويل الأجنبي، مؤكداً أن تهريب النفط مستمر في الأراضي التي تنتشر فيها التنظيمات الإرهابية في سورية، حيث تظهر الصور قوافل نفطية ممتدة لكيلومترات ليباع بشكل غير قانوني، وتساءل: إلى أين تذهب الأموال العائدة من بيع هذا النفط؟.
وأكد وزير الدفاع الروسي أن الولايات المتحدة لا تزال تحتجز 40 ألف مهجر سوري في مخيم الركبان بمنطقة التنف التي تنتشر فيها قوات أمريكية بشكل غير شرعي، وترفض تفكيك المخيم، وتقوم بدعم وحماية الارهابيين فيه، داعياً واشنطن إلى إعادة المنطقة إلى سيادة الدولة السورية، وبيّن أن الوضع في مخيم الهول لا يقل سوءاً، حيث يعيش فيه نحو سبعين ألف مهجر أغلبيتهم نساء وأطفال ظروفاً مأساوية.
حاتمي: حل مشاكل المنطقة عبر الحوار
من جانبه، جدد وزير الدفاع الإيراني العميد أمير حاتمي وقوف بلاده إلى جانب سورية والعراق في مكافحة الإرهاب، داعياً إلى احترام حقوق الشعوب وإعطائها حق تقرير المصير وحل مشاكل المنطقة عبر الحوار. وأوضح حاتمي خلال مؤتمر موسكو الثامن للأمن الدولي أن القائمة التي اختلقتها الولايات المتحدة لبعض الدول فيما يسمى الداعمين للإرهاب تتعارض مع الحق والانسانية، لأن واشنطن هي من تدعم التنظيمات الإرهابية، وساهمت بخلقها وتأسيسها وتقويتها، محذراً من عواقب دعم بعض الدول للسياسة الأمريكية التي تتعارض مع القانون الدولي، وبيّن أن العقوبات والتهديدات وفرض الإرادة تشكل تحديات للأمن، ويعد الإرهاب والعنصرية تداعيات لذلك.
وخلال لقائه الأمين العام لوزارة الدفاع العراقية الفريق الركن محمد جواد كاظم على هامش مشاركته في المؤتمر أكد حاتمي أن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الجولان السوري المحتل وقراره حول نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة هما مقدمة لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.
المشاركون: ضرورة إعادة الإعمار وعودة المهجرين
هذا وأكد المشاركون في جلسات أمس من المؤتمر ضرورة التصدي للإرهاب والتقيد بالقوانين الدولية لإحلال الأمن والسلم الدوليين، وخلال الجلسة العامة الأولى للمؤتمر بعنوان (الأمن الدولي في العالم المعاصر.. العوامل والتوجهات الدولية والإقليمية) أكد قائد الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال فاليري غيراسيموف أن السياسات الأمريكية على الساحة الدولية تنتهك كل قواعد القانون الدولي، مؤكداً أن هذا النهج يؤدي إلى فقدان الثقة بين الدول وإلى التحول من محاربة الإرهاب إلى التدخل في شؤون الدول الداخلية.
وأكد غيراسيموف أن الجيش العربي السوري وجّه ضربة قاضية لتنظيم داعش الإرهابي، ودمّر أسس وجود أغلب التنظيمات الإرهابية، وأرغم العديد من الإرهابيين على تسليم أسلحتهم، الأمر الذي ساهم في خلق الظروف للبدء بعمليات إعادة الإعمار وعودة المهجرين بفعل الإرهاب إلى مناطقهم، مضيفاً: بالمقابل نرى أن نتائج التدخل الأمريكي والأطلسي أدت إلى دمار المدن وبقاء الألغام مزروعة فيها وإلى ازدياد انتشار الإرهاب وخلق مخيمات لاحتجاز المهجرين تحت سيطرة المسلحين بحماية أمريكية.
وتحدّث المشاركون الآخرون في هذه الجلسة عن التحدي الذي واجهته سورية خلال ثماني سنوات في حربها على الإرهاب الدولي وعن التضحيات التي قدمها الجيش العربي السوري للقضاء على الإرهاب والحفاظ على سيادة البلاد.
وقدّم نائب وزير الدفاع العماد محمود الشوا خلال الجلسة العامة الثانية تحت عنوان (القضاء على داعش في سورية والعراق.. استقرار المنطقة والنضال ضد التهديدات الإرهابية في ظروف التحولات الحاصلة فيها) عرضاً حول المؤامرة الكونية على سورية، مشيراً إلى عوامل صمود سورية وإفشالها لهذه المؤامرة وإلى تمسكها بالثوابت الوطنية في تحرير كل شبر من أراضيها المحتلة.
بدوره أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين أن الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط يتطلب الحرب بلا هوادة على الإرهاب والعمل الجاد والهادف من أجل حل الأزمة في سورية، مشيراً الى أن روسيا تعمل في هذا الاتجاه على أسس احترام السيادة والاستقلال الوطني لبلدان المنطقة.
وبعد ذلك بدأت جلسات خاصة تناولت إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية في سورية والعراق وعودة المهجرين بفعل الإرهاب، إضافة إلى ما يسمى الثورات الملونة والحروب الهجينة وقضايا الدفاع الصاروخي وتسليح الفضاء والتعاون العسكري في مجال إرساء السلم العالمي وإفريقيا والإرهاب والهجرة غير الشرعية.