رؤية سريالية لتنظيم مهنة معارض السيارات! حملة تنظيف الأرصفة من فوضى الإشغالات المخالفة بدأت.. وهذه التفاصيل
طرطوس- لؤي تفاحة
أن تصل متأخراً أفضل من ألا تأتي أبداً.. ونظراً لحالة الفوضى غير المبررة وربما غير البريئة في مكان ما، وما أحدثته هذه الفوضى من مشاكل وإزعاجات بالجملة لمواطني مدينة طرطوس، رغم كثرة ما تم نشره من قبل وسائل الإعلام، لما تسببه إشغالات معارض السيارات ومكاتبها المصنفة، وجميعها كانت “ببلاش” ومجانية دون أن يتم تسديد قرش واحد لصندوق البلدية كبدل إشغال، رغم ما يعانيه أساساً من شح، وحاجته الماسة لكل مطرح سواء كان ضريبياً أو من رسوم مختلفة. ولمجمل هذه الاعتبارات تحرك مجلس المدينة واتخذ قراراً بتوجيه إنذارات لأصحاب السيارات لعدم إشغال الملك العام، وفي حال الرغبة بالإشغال فيجب التقدم بطلب لمجلس المدينة للدراسة مع تحديد المدة الزمنية، والمساحة المطلوب إشغالها من قبل صاحب المكتب أو المعرض؛ لكي تتم دراسة الطلب، ودفع قيمة بدل الإشغال وفق قرارات المجلس التي حددت رسوم إشغال المتر الواحد باليوم وبحسب الشارع والمنطقة، مع الإشارة لوجود قرار سابق تم تحديد سعر بدل الإشغال للمتر ب\50\ ليرة يومياً منذ أكثر من عامين، ومع ذلك لم يتم التقيد ودفع رسوم الإشغال في ظل صمت أو غض الطرف بمقابل.!
ومهما يكن فإن هذه الفوضى وهذا الازدحام وكثرة المكاتب التي تقدر بأكثر من 152 مكتباً، لها من الأسباب الكثير، ومنها عدد لا بأس به، ونظراً لظروف الحرب، وبسبب تعرض مناطق عديدة للإرهاب، الأمر الذي دفع أصحاب هذه المعارض لنقل مكاتبهم إلى مركز المدينة، والبعض الآخر قام بافتتاح هذه المكاتب “الوهمية” كتجارة رائجة والكسب غير المشروع واستغلال ظروف معينة، فوجد في هذه القطاع ضالته المنشودة مستغلاً ظروفاً معينة، ومنها الطناش، أو دفع المعلوم لقاء غض الطرف وعدم المطالبة بالترخيص ودفع رسوم الأشغال، وهذه ظاهرة باتت مقلقة ووحدها تشكل تحدياً بارزاً عجزت البلدية حتى هذه اللحظة عن ضبطها وإزالة المخالفة إلى أن تثبت البلدية العكس.!
وفي معرض رده على أسئلة “البعث” أشار محمد زين رئيس مجلس المدينة إلى أنه خلال الفترة الأخيرة تم لحظ الكثير من الشكاوى بخصوص إشغال أصحاب المكاتب ومعارض السيارات للملك العام، والمتمثلة بوقوف عدد كبير من السيارات على الأرصفة وفي الساحات القريبة من تلك المكاتب، فجاءت تعليمات وزارة الإدارة المحلية بالكتاب رقم \2489\ تاريخ 8\10\ من العام الماضي والمعطوف على كتاب رئيس الحكومة رقم \12500\ تاريخ \17\9\ حول مشروع تنظيم مهنة مكاتب ومعارض السيارات في المحافظات، من خلال دراسة واقتراح مواقع مخصصة لهذه المهنة خارج المناطق السكنية بغية نقلها إلى هذه المواقع، بما يخفف موضوع الازدحام المروري في أماكن وجود هذه المعارض. وبما أن مهنة صالات عرض السيارات مع التخزين والصيانة خاضعة لأحكام المرسوم التنظيمي / 2680 / لعام 1977م، حيث يراعي القرار الناظم رقم / 5373 / لعام 2000م، إقامتها في المناطق الصناعية أو المواقع المخصصة لذلك على المخطط التنظيمي للوحدة الإدارية أو البلدية.
وعليه قامت المدينة عن طريق مديرية الشؤون الفنية بتقييم دراسة للمواقع المتوفرة لديها للاستثمار، وقدمت مديرية الشؤون الفنية مذكرة عرض على مجلس المدينة بدورته الأولى العادية لعام / 2019 / بجلسته رقم / 5 / تاريخ 17 / 1 / 2019م، وتم فيها الموافقة على استثمار المقاسم التنظيمية الناتجة عن تعديل الشريط الغربي الأخضر للمنطقة الصناعية والذي تم تعديل تنظيمه وفق قرار وزارة الإسكان والتنمية العمرانية رقم / 1561/ تاريخ 17 / 12 / 2015 /، وفيه تم تعديل شريط الحماية للاسترداد الدولي لتنظيم المنطقة الصناعية وجعله / 30 / م عن حد الاستملاك، وتعديل جزء شريط الحماية إلى مقاسم صناعية وحرفية مع وصلات طرقية كونها بملكية المدينة.
وبناءً على ما سبق قامت مديرية الشؤون الفنية معتمدة على إحصائية مقدمة من مديرية المهن والشؤون الصحية تبين فيها عدد المكاتب التي تزاول المهنة والبالغ / 152 / مكتباً ومعرضاً، بتقديم دراسة موضحة فيها للمخططات التفصيلية والتقسيمية للموقع متقيدة بمساحات المقاسم التنظيمية والبالغة نحو / 5000 / م2، والمساحات المتوفرة لمواقف السيارات والمقدرة بنحو / 20000 / م2 ضمن شريط الحماية الحالي مع وجود طرق تخديمية لهذه المساحات.
وعليه أصدر مجلس مدينة طرطوس القرار / 36 / تاريخ 13 / 3 / 2019م بالموافقة على الدراسة المقدمة، والذي حُدد فيه عدد المكاتب بـ /146 / مكتباً تراوح مساحاتها بين / 20 ـ 50 / م2، بحيث يكون نصيب كل مكتب أكثر من / 3 / مواقف، وبإحالة الموضوع إلى دوائر المدينة المختصة لاستكمال الإجراءات أصولاً بما يخص وضع دراسة نهائية للمشروع وتكلفة تقديرية ليصار بعدها إلى تحديد آلية التنفيذ وكيفية الاستثمار.
بكل الأحوال فإن الدراسة المقدمة، وعلى ضوء المخططات المعروضة فيها من الرؤية السريالية، والتي تستحق الكثير من الاهتمام والدعم المالي لجعل مدينة طرطوس خالية تماماً من فوضى الإشغالات، ولو جاءت متأخرة حيث سبقتها محافظات أخرى، وهذا لن يتحقق إلا من خلال ضخ المزيد من الاستثمارات أو من خلال استملاك هذه المواقع وتأجيرها لصالح أصحاب هذه المعارض، وتأمين ريوع ثابتة تضمن استمرارية تقديم الخدمات، بدلاً من هذا الواقع ومنعكاساته السلبية على المواطن والبلدية معاً.