عقدة التفوق تتحكم بـالاستخبارات الأمريكية
ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال تايمز 1/5/2019
بعض النخب الأمريكية، ولاسيما في الاستخبارات، لا تنظر إلى العالم إلاّ بمنظور متعجرف، لذلك فهي لا تتوانى عن اتهام الصين بسرقة التكنولوجيا الأمريكية، لكن مثل هذه النظرة التي تتجاهل حكمة الشعب الصيني وجهده المميّز في بناء نهضته، سيكون لها آثار خطيرة على استقرار العالم وتقدمه.
قال كريستوفر وراي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن: “كانت الصين رائدة في النهج المجتمعي لسرقة الابتكار بأي طريقة ممكنة، من مجموعة واسعة من الشركات والجامعات والمنظمات”، وأضاف: “بصراحة، يبدو أن الصين مصمّمة على إحراز تقدم في المجال الاقتصادي على حسابنا”. وقد سبق أن قال المسؤولون الأمريكيون إن الصين صنعت حداثتها من سرقة الولايات المتحدة، لكن وراي قال ذلك بشكل أكثر وضوحاً ووقاحة. كانت كلماته أكثر من مجرد اتهام الصين بانتهاك الملكية الفكرية للشركات الأمريكية، لقد كان يحتقر المجتمع الصيني علانية.
لا أحد يعرف من أين جاءت غطرسة وراي!.
على الرغم من أن الغرب أخذ زمام المبادرة في تنمية المجتمع البشري في القرون القليلة الماضية، إلا أنه لم يكن لديه مثل هذه الغطرسة. من منظور التاريخ، لعبت الولايات المتحدة دور القائد لمدة قرن فقط. يمكن تفسير ذلك بهذه الطريقة: أمسك بعض الأوروبيين بموطن الأمريكيين الأصليين وبنوا بلداً مغروراً، حقّق الرخاء الذي يعيشه اليوم من خلال تجارة الرقيق والهجرة والتجارة غير الأخلاقية وغيرها من الطرق غير العادلة لنهب الثروات العالمية.
واتهم وراي الصين بالسرقة، ولكن أي دولة في التاريخ يمكن أن تنهض بالسرقة؟. تخشى الحكومة الأمريكية الحالية والعديد من النخب الأمريكية من تنمية الصين، لأنهم يعلمون أن الشعب الصيني يتسم بالاجتهاد والحكمة وأن التنظيم الاجتماعي للصين فعّال، فلماذا يجب أن يخاف الأمريكيون إذا كانت تنمية الصين تقوم على السرقة؟. لم يستغرق الأمر من الصين سوى عقود من الزمن لتحقيق الاستقرار الحقيقي، بعدما نهضت لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، متفوقة على الولايات المتحدة في تكنولوجيا الاتصالات المتنقلة وتكنولوجيا النقل السريع.
لقد أصبح الإنترنت في الصين اليوم أسرع، والسكك الحديدية عالية السرعة في الصين أكثر طولاً من أي بلد آخر في العالم، هذه هي الحكمة والحافز الداخلي للشعب الصيني. إذا عدنا إلى الوراء في التاريخ ، عندما طوّرت الصين حضارتها بالفعل خلال عهد أسرة تشين وهان، كانت أوروبا، مصدراً للثقافة الأمريكية، في معظمها أرض للبرابرة. ولقد أثبتت رحلات ماركو بولو أن الشعب الأوروبي أعجب بالحضارة الصينية في ذلك الوقت. بعد ذلك، ارتقت الحضارة الغربية وقادت العالم، لكن الناس المتغطرسين ظهروا أيضاً، مثل وراي، الذي يتهم الحضارات الأخرى بالسرقة. ومن هم أمثال وراي سطحيون ومبتذلون، وحكومة الولايات المتحدة اليوم تغصّ بمثل هؤلاء.
يتصرف العديد من المسؤولين الأمريكيين رفيعي المستوى مثل ستيف بانون كبير الاستراتيجيين السابق للبيت الأبيض على أساس عقدة التفوق لديهم، ولذلك فإن عقولهم جامدة، كما أن شعورهم السيئ وإدراكهم للمنطق السليم أمر صادم. كيف يمكن أن يصبح وراي أحد قادة الاستخبارات الأمريكية؟ ففهمه للصين وروسيا أيديولوجي وغير موضوعي إلى حدّ كبير.