ثقافةصحيفة البعث

 وقع كتابه”الرحالة.. هكذا رأيت العالم”..سامي كليب مكرماً في “أماسي”

“نحن لانقف مع أحد في خط الدفاع، نحن أبناء هذا الخط، ومن لاينتمي إلى سورية لاينتمي إلى العروبة ولا إلى الأخلاق ولا إلى السياسة الصحيحة” بهذه المفردات حيا د. سامي كليب الكاتب والإعلامي والمحلل السياسي المتصف بالتزامه بالمقاومة جمهوره أثناء جلسة تكريمه في أماسي في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- بإدارة الإعلامي ملهم الصالح.

مهنة المُتع

الفيلم الوثائقي الذي عُرض عن مسيرة سامي كليب المهنية تضمن أيضاً شهادات عدة، منها شهادة د. خلف المفتاح التي يدعوه فيها إلى العودة إلى الأدب بعدما تخلى عنه من أجل الدخول بعالم الإعلام والأضواء، فكانت هذه الشهادة بوابة توجه سامي كليب إلى جمهور أماسي، موضحاً أن القدر رسم طريقه ورسم انتقامه أيضاً، فحينما كان يستعد للسفر إلى أمريكا لدراسة الطب، استُشهد والده بين يديه وبقيت أمه تعاني جراح الشظايا حتى وفاتها، مما خلق في داخله دافع الانتقام من الاحتلال الصهيوني، فشاءت الأقدار أن يدخل كلية الإعلام ويتابع دراساته في فرنسا، ويمارس مهنة الصحافة التي وصفها بمهنة المتع وليس بالمتاعب، لأنها تجعلنا نكتشف أشياء عميقة وجميلة ونتعرف إلى الحضارات الأخرى، ليلتقي هذا الخط مع متابعة مآسي العالم والحروب الدائرة ومناصرته القضية الفلسطينية.

تعدد المصادر

بدأ الصالح مع كليب من كتابه”الأسد بين الرحيل والتدمير الممنهج” إذ بيّن كليب بأنه أراد أن يبحث ويدقق ويقاطع المعلومات والوثائق ليخط كتاباً موثقاً يظهر الحقائق للأجيال القادمة، بعدما حصل على الوثائق من داخل سورية ومن دول عدة، والكتاب انتشر في كل دول العالم بعد ترجمته إلى الروسية والفرنسية وقريباً الإنكليزية لأنه اتصف بعمق استراتيجي وفكري وإنساني.

وأضافت مداخلة محمد حوراني رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتّاب العرب بعداً هاماً للكتاب حينما أشاد بمنهجية الكتاب في تحليل المؤامرة الكونية على سورية، متوقفاً عند جانب ارتباط الصحفي بالشبكات الأمنية كما ذكر كليب، فأوضح بأن على الصحفي أن يبحث عن المعلومات ويعدد مصادره ويقاطع بين المعلومات.

صوت من القدس

وينتقل الصالح إلى الداخل الفلسطيني ويسأله: “لماذا لم تزر الداخل الفلسطيني حتى الآن” فكان ردّ كليب أكثر وقعاً برفضه أن يقدم جواز سفره إلى الإسرائيلي الذي سرق أرضنا ليزور بلد أجدادنا”، فتدخل أنور رجا المسؤول المركزي بالجبهة الشعبية بمداخلته التي تطرق فيها إلى موقف كليب من زيارة الداخل وإلى موضوع التطبيع وتباين موقف النخب من زيارة الداخل الفلسطيني، ويأتي صوت المطران عطا الله حنا برسالة صوتية تأكيداً على أن فلسطين في قلب سورية فيحيي قائد الوطن ويشكر وزارة الثقافة، ويثني على الدور المقاوم والمناضل لكليب في مساندة فلسطين وسورية وعمله على نصرة القضايا العادلة، ومن فلسطين إلى رسائل من الجولان المحتل  أشادت بمواقف كليب تجاه عودة الجولان المحتل.

حروب ومجاعات

كتابه الشهير”الرحالة هكذا رأيت العالم” الذي دوّن فيه غرائب العالم بعدما توغل بالأدغال البعيدة وتعرّف إلى القبائل القديمة في جنوب إفريقيا، وشهد على حرب الخليج ويوغسلافيا والمجاعة في الصومال وغيرها من المشاهد، كان المنعطف الثاني بدعوته لإشراك المغرب العربي بالخطاب العروبي لأنه يحمل سورية وفلسطين في قلبه، من خلال حديثه عن مشاهداته في موريتانيا التي تحفظ الكثير من المخطوطات الإسلامية، وإعجابه بثقافة شعبها واطلاع الموريتانيين الكبير على الأدب وحفظهم الشعر وشغفهم باقتناء الكتب إضافة إلى أخلاقياتهم السلوكية.   واقتربنا أكثر من شخصية كليب المهنية بسؤال الصالح لماذا ترفض أن تلقب بابن بطوطة؟ فكان ردّ كليب”لأنني لا أعرف أن أمدح مما سبب لي مشكلات بعملي” وتحدث مطوّلاً عن سيرة الرحالة ابن بطوطة موضحاً بأن ليس كل ما دوّنه كان صحيحاً.

كليب الذي يرفض بشدة موقف الصحفي المرتشي، والذي تخلى عن الإغراءات المادية في عمله بالجزيرة لتغيّر سياستها، وعمل على المشروع المقاوم بقناة الميادين، توقف مع مداخلات الجمهور واستفساراتهم حول برنامجه “لعبة الأمم” وكيفية اختيار ضيوفه وتعدد الموضوعات والتطرق إلى الشباب العربي، وعدم تكرار ذاته والحفاظ على هدوئه. ونمت إجابة كليب عن قوة شخصيته التي جعلته موضع اهتمام، ونوّه إلى أنه لم يتعرض ولا مرة لعملية ضغط للكتابة أو الحديث عن قضية ما لا في الجزيرة ولا في جريدة السفير ولا في عمله في فرنسا، رغم أنه وصل فيها إلى أعلى منصب لإعلامي عربي كما ذكر، مما أتاح له العمل بحرية وطرح كل الأسئلة دون التطرق إلى الاعتبارات الشخصية، إضافة إلى النهم بالقراءة والتحضير وإحساسه بالمسؤولية تجاه المشاهد والقارئ، ولأنه يمارس المهنة بشغف وحبّ بعيداً عن الماديات، كما أشاد بدور الفريق الجماعي بالعمل الإعلامي، لأن مهمة الإعلامي أن يستمع إلى جميع وجهات النظر ولا يحب التصارع على الشاشة ولا يسمح بذلك.

وطالت الأسئلة الحرب الاقتصادية وكيفية تخطي الحصار، فاستحضر كليب تجربة إيران بالحصار، وتجربة سورية في عهد القائد الخالد حافظ الأسد، وسورية الآن مبيّناً أن إرادة الشعوب هي الأقوى، مشيداً بصلابة سورية التي لم تستطع المذاهب الطائفية أن تفككها.

واقترحت الشاعرة عدنة خير بيك على كليب مخاطبة الجيل العربي بقناة توجه إلى العرب غرباً وتعمل على تدريب الإعلاميين لاسيما بعد المؤامرة الكونية على سورية كي يتصدوا بالكلمة. وأضفت مشاركة الإعلامية هيام حموي بحديثها عن المراحل التي جمعتها في فرنسا مع سامي كليب جمالية خاصة للأمسية.

وكان الشعر الغنائي موضع نقاش الناقد أحمد هلال مع كليب متوقفاً عند أغنية “كمشة حزن” بصوت ليندا بيطار، وأوضح كليب بأنه لايصنف نفسه بشاعر غنائي وإنما يكتب مشاعر أحبها الناس.

وفي ختام الأمسية سلم مستشار وزير الثقافة نزيه خوري مع مدير ثقافة دمشق وسيم المبيض ومديرة المركز رباب أحمد درع تكريم وزارة الثقافة.

ملده شويكاني