ثقافةصحيفة البعث

“سوريــــة فــــي الســــلم والحــــرب” فــــي مكتبــــة الأســــد

 

 

ليست هذه الهجمة البربرية على سورية إلا للتذكير بتاريخها العائد إلى ستة آلاف سنة، والسلاح ضد هذه الحرب كان الصمود وقوة الإيمان بمقدرات هذا البلد. بقيت سورية بروحها وعبقريتها فلم تنل منها كل هذه الأحداث مهما كبرت وعظمت سوى أثر منقوش على صخرة من صخورها الخالدة وقد يزول وتبقى الصخرة. وتحت عنوان “سورية في السلم والحرب” أقامت مكتبة الأسد الوطنية محاضرة ألقاها المحامي اللبناني أنطوان عقل بدأها بعنوان “سورية في السلم” التي تميزت بالاعتدال الفكري والديني بين جميع مكوناتها، فعاش أفرادها متآخين ومتحابين، فالقديس بولس مؤسس المسيحية المشرقية ابتعد عن التزمت اليهودي، وكذلك الأمر عندما وضع الأمويون أسساً جديدة للدين المحمدي تقوم على المساواة بين الأفراد فلا فرق بين مسلم وأعجمي إلا بالتقوى.

التاريخ السوري
وأضاف رئيس الاتحاد الدولي للمحامين شرفاً: أدخلت جوليا دومنا عبادة الآلهة السورية إلى البانتيون الروماني حتى قال أحدهم: “كيف لنهر العاصي أن يصب في نهر التيبر، ولا بد هنا من الإشارة إلى أن الإمبراطورة السورية تيودورا كانت أول امرأة قاضية تميزت بالدفاع عن حقوق المرأة، وعرفت بارتدائها “الروب الأسود” الذي أصبح إلزامياً للقضاة والمحامين حتى يومنا هذا، وقد طلبت من زوجها الإمبراطور جوستنيانوس اعتماد أول مجموعة للقوانين الرومانية حملت اسمه.
كما أن المهندس المعماري السوري أبولودوري برع في إنشاء أبنية كانت حافزاً على خلق فكر متطور للعمارة الرومانية حتى يومنا هذا، ولولا دمشق لما انتشر الدين الإسلامي ونقلوه معهم إلى الأندلس فبلغت حضارتهم مستوى من العلم والثقافة ما يحسد عليه، وفي دمشق وجدت أوائل الفنون ذات الطابع الإسلامي الذي برع فيه الفنانون السوريون بعد أن مزجوا الفن الساساني بالفن البيزنطي، وكان أن ولد ما يعرف بالفن الإسلامي الذي شارك في إنعاشه ونشره بين الأمم أفراد الشعب السوري كافة، ومازالت المتاحف العالمية تتسابق للحصول على بضعة نماذج من الفن السوري سواء كان الزجاج المعشق أو النحاس المطعم بالذهب أو الفضة أو المفروشات الخشبية المطعمة بالعاج والصدف والعضم وكذلك النسيج.

خدمات متعددة
وتابع عقل: وفرت سورية لأبنائها في عهد الرئيس الخالد حافظ الأسد والرئيس بشار الأسد لأبنائها مجانية التعليم والطبابة والتقديمات الاجتماعية، ونعمت المدن السورية بأحدث البنى التحتية من طرقات وجسور وسدود وبحيرات وتيار كهربائي ومياه فازدهرت الصناعة كما زراعة القمح والأرز والقطن والحبوب، كما أن السياحة ازدهرت بسبب توفير أجواء من الاستقرار والأمن. وبالرغم من هجمات ما ينوف عن مئة ألف وحش بشري أمعنوا تخريباً وتدميراً وقتلاً وتهجيراً طوال ثماني سنوات إلا أن سورية لم تمد يدها يوماً إلى الاستدانة والاقتراض.

في الحرب
بدأت الدول الكبرى تتجاذب النفوذ على سورية فكان الانقلاب تلو الانقلاب، كما كانت للحروب المتتالية ضد العدوان الإسرائيلي الأثر السلبي في وقف التطور وانحدار الدخل الفردي، لكن الذي يحز في النفس أن بعضاً من أبناء جلدتنا قد لبسوا العباءة الإسلامية وشاركوا في تدمير هذا البلد الآمن الذي طالما فتح ذراعيه وصدره إلى كل طارئ ولاجئ ومضطهد. وكان للفكر الديني المتطرف الدور الأعظم في فتح باب الفتنة على مصراعيه، ودخل الأعداء على هذا الخط من تسليح وتمويل وتدريب وانتشر الرعب والفوضى وكانت خطة لتفكيك البلد وتهجير أبنائه، ولكن العناية الإلهية أنعمت على هذا البلد بجيش عقائدي متماسك كرس نفسه للذود عن الوطن وشعبه واستلم زمام الأمور شاب نذر نفسه لقيادة هذه السفينة في مهب العاصفة الهوجاء.
جمان بركات