لا يزال الرهان خاسراً..!
أعاد ارتفاع الأسعار غير المسبوق خلال شهر رمضان الحالي الحديث عن زيادة الرواتب والأجور إلى الواجهة بقوة بالنسبة للعاملين بالدولة، وتحسين دخل مختلف الشرائح الأخرى بأية وسيلة كانت…!
لقد أطبقت سرعة انسياب الدخل المحدود جداً والذي لا يتجاوز بأحسن حالاته الـ100 دولار خلال الأيام الأولى من الشهر من محفظة المستهلك الذي فقد أية حيلة تمكنه من الصمود حتى ثلث الشهر، الخناق على هذا المستهلك، في ظل العجز الحكومي سواء لجهة ضبط الأسعار، أم لجهة تحسين الدخل..!
ومن مفارقات الأسواق التفاوت الكبير بأسعار بعض المواد في السوق الواحدة، فسعر مادة لحم العجل على سبيل المثال لا الحصر، تختلف من محل إلى آخر في سوق باب سريجة..!
ففي الوقت الذي يتفهم فيه المستهلك أن أرخص سعر لها في سوق باب سريجة هو بصالة السورية للتجارة الموجودة بذات السوق بسعر 3500 ليرة للكغ، نظراً لدورها كأداة للتدخل الإيجابي، يستعصي عليه تفهم سعرها بمحل ما بسعر 4000 ليرة، وبآخر لا يبعد سوى أمتار قليلة عن الأول بـ4500، وبثالث تصل إلى 5500، فالفارق إذاً هو 1500 ليرة في حال استثنينا صالة السورية للتجارة، مع الإشارة هنا إلى أن بيع اللحوم في الصالة ليس متاحاً أمام الجميع، إذ إن المستهلك قد لا يلبى طلبه من نوعية اللحوم المطلوبة تحت ذريعة أن الكمية المتبقية محجوزة للغير..!
ويحرضنا هذا المشهد لطرح تساؤلات مفادها:
هل السورية للتجارة مخصصة لشريحة ما دون غيرها، إنها لجميع الشرائح..؟!
وهل موضوع تفاوت الأسعار له علاقة بجودة المادة، رغم أن جميع أصحاب المحال يجمعون على أنه لحم عجل بلدي طازج، أم أن الأمر يندرج ضمن سياق الغش والتدليس..؟
وإذا ما صح الأخير، فنسأل عن دور وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مما يحصل..؟
وتبقى وزارة التجارة الداخلية على محك إحداث فارق بالمشهد العام للأسواق وضبط أسعارها، وهو بلا شك تحدٍّ كبير في ظل ما يكتنف عناصر رقابتها من فساد، ولكنها ومنذ إحداثها إلى الآن لم تستطع أن تحمي المستهلك، ولا يزال الرهان عليها –للأسف- خاسراً..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com