العُهْر السياسي
عبد الكريم النّاعم
-لكَمْ أنا آسف على استخدام مفردة ” العُهْر” وأنا أحاول في كتاباتي أنْ أكون متوازناً، وعقلانيّا، وعلمانيّاً، بيد أنّ الذي يحدث على مستوى الوطن العربي من حكّام مرْتهَنين للدوائر الصهيوأمريكيّة، يُخرج الحكيم عن طوره.
عرضتْ بعض الفضائيات لافتة كُتبتْ بالعبري تقول (شالوم) وقد عُلّقتْ قرب مسجد الرسول الأعظم (ص) في (المدينة)، ولا أعتقد أنّ سلطة ذلك البلد تجهل ذلك، فمَن يستطيع التنفّس هناك بعيداً عن جواسيس السلطة، وهذا يعني أنّ تلك الكتابة هي واحدة من المقدّمات التي ستتوالى، تمهيداً لإعلان ( صفعة القرن)، فما من شيء يتمّ في المملكة دون دراسة وافية، ودون التشاور مع الجهات الصهيوأمريكيّة، فهي خطوة مُتعمَّدة ذات مغزى، ولا أستبعد، قياسا على موحيات المجريات، أنْ يقف صهيونيّ ما قرب مثوى الرسول (ص) ويقول له:”هانحن عدنا يامحمّد”.
أنا أُدرك من خلال مُتابعة المجريات منذ أواسط الخمسينيات حتى الآن، أنّ الوجدان الشعبيّ العربي والمسلم، على امتداد الجغرافيا التي هو فيها يرفض كلّية هذا الانبطاح، فكيف حين يكون من بلد يحكمه مَن يدّعي إنّه خادم الحرمين الشريفين، أوَ هكذا تكون الخدمة؟!!
على الرّغم من تتابع الأحداث الحرائقيّة، والتي أُشعِلتْ نيرانها ليختفي عبر لهيبها ودخانها المتسلّلون لإبرام تلك الصّفعة، على الرّغم من ذلك فأنا غير متشائم بالنسبة للمستقبل، وعندي ما يبرّر ذلك التفاؤل:
1-لقد كانت أعلام فلسطين ترفرف في كلّ التظاهرات الشعبيّة التي ملأت شوارع الجزائر، وتونس، واليمن، والسودان، وهي بذلك تمثّل وجدان هذه الأمّة، ولهذه الظاهرة دلالاتها التي نرجو أن تتحقّق.
2-لقد أمضينا سبعين عاماً في الحروب المتنوّعة التي كان محرّكها الأساس فلسطين، وكان رهان المخلصين على إمكانيّة أن يكون هناك شيء اسمه التضامن العربي، والذي كان بعض المشتركين فيه من الرّجعيّة العربيّة يتوهّمون أنّهم سيتمكّنون من جرّ دمشق إلى مواقعهم فأفشلتْ دمشق تلك الخطوات والنّوايا، وحين يئسوا من ذلك كشّروا عن أنيابهم البترودولاريّة، ولم يتركوا وسيلة خبيثة، مزعزِعة إلاّ خطوها، وأحداث الحريق في سوريّة كانت المجهر الكاشف، والفاضح.
الآن على الذين يقولون إنّهم مع خطّ المقاومة أن يبحثوا عن البدائل الكفيلة، مضيفين إلى العدوّ الصهيوأمريكي تابعه من رجعيّي العرب، وليس ذلك مستحيلا، فلقد حقّق شيئا من هذا محور المقاومة الذي أوصل جيش الكيان الصهيوني إلى مرحلة لم يعد قادرا فيها على شنّ الحرب ساعة يشاء، وإن بدأها فهو غير قادر على إيقافها، وهذه من بديهيّات ماهو ماثل على الأرض، ولذا فسوف يسعى المحور المتصهين إلى إدامة إشعال الحرائق في أكثر من موقع، ولاسيّما في سوريّة، لتمرير تلك (الصّفعة)، وبعدها لكلّ حادث حديث!!
3-في هذا السياق يتساءل أمثالي، وليس ببراءة، ولا بجهالة، ماذا عن جماعة أوسلو،؟ أوَبعد كلّ الدم المراق، والإذلال لأهلنا في الأرض المحتلّة، مازالوا متمسّكين بتلك الاتّفاقيّة، والتي أبلغ ما قيل فيها إنّ كلّ بند فيها يحتاج إلى اتّفاق جديد،!!
ماذا أنتم فاعلون وبوادر تنفيذ توطين الفلسطينيين في أماكن لجوئهم قد ذرّت قرنها من مملكة آل سعود؟!!
ماذا أنتم فاعلون أيّها الأوسلويّون؟ ما الذي تنتظرونه بعد كلّ هذا؟! أولا يكفي أكثر من ربع قرن من الزمن على المماطلة؟! ماذا أعطاكم الصهاينة من كلّ ماوقّعتم عليه؟! لم يبق شيء من (فلسطين) التي قبلتم بها، وهذا أمر صار يعرفه حتى أطفالكم، فإلى أين تريدون أن تصلوا بعد هذا القاع الذي أنتم فيه؟! أم أنّ ثمّة (استثمارات) خاصّة جعلتْ البعض فيكم يؤثر ما يدخل جيبه على مصلحة القضيّة الفلسطينيّة؟!
إنّه زمن التعرية الذي لا تبقى فيه ورقة توت لستر العورة، وهذا يعني أن يكون محور المقاومة على قدر المسؤوليّة التاريخيّة على الصّعد كافّة.
aaalnaem@ gmail.com