العبرة بالتنفيذ!
استفاقت وزارة التعليم العالي والجهات المعنية ذات الصلة على ضرورة حسم مصير عدد من القضايا العلمية الغارقة في المشاكل وتصويب مسارها، أولها: الاهتمام بتطوير التعليم التقاني بعد عقود من الإهمال واللامبالاة جعلت مخرجاته عبئاً ثقيلاً وليست مكسباً بسبب النظرة المجتمعية الدونية لهذا النوع من التعليم، والفشل بوضع سياسات وخطط ذات جدوى، علماً أن هذا النوع من التعليم يحظى بالأولوية في دول الغرب، حيث إن 85% من نهضته قامت على أكتاف خريجي التعليم التقاني!
الأمر الثاني الذي لا يقل أهمية عن الأول والذي عرضته مؤخراً “التعليم العالي” في خطة عملها للمرحلة الراهنة والقادمة بناء على اقتراح لجنة التنمية البشرية في رئاسة مجلس الوزراء، هو دعم منظومة البحث العلمي عبر إعادة هيكلية الهيئة العليا للبحث العلمي التي تعمل هي الأخرى ضمن أجواء غير مشجعة، رغم وجود عشرات الأبحاث المميزة في مختلف المجالات لكنها تقبع على الرف بحجة ضعف التمويل.!
ويأتي التعليم المفتوح ليكمل أضلاع مثلث الاهتمام، فحسب الوزارة هذا النوع من التعليم انحرف عن مساره الحقيقي، سواء بالنسبة للبرامج التعليمية أو المخرجات التي عليها أكثر من إشارة استفهام، إذن الأمر بات يستلزم “وضع أسس وإعادة توجيه برامج التعليم المفتوح المُفتتحة وفقاً لأهدافه وحاجات المجتمع، وتوصيف خرّيج التعليم المفتوح تجنباً للتداخل والازدواجية بينه وبين التعليم العام والافتراضي”.
الآن وبالرغم من التأخير في إصلاح أحوال المعاهد وإنعاش البحث العلمي وتصويب “المفتوح” لكن أن “تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي”، وعليه على الوزارة أن تستنفر بكل طاقاتها وطواقمها المختصة على إحداث ثورة على الأرض تضع الأمور على المسار الصحيح، فلا يكفي اليوم أن نضع هذه الخطة في مجلد أنيق ونسوقها إعلامياً وننتظر عشر سنوات أخرى ونبرر الفشل بحجج لم تعد تقنع أحداً خاصة ممن يتابعون الشأن التعليمي وغيرهم من أصحاب الشأن.
بالمختصر، حد الألم على أحوال جامعاتنا وصل إلى درجة لا تحتمل، وباتت مخرجاتها مجرد أرقام تضاف إلى مستودع العاطلين عن العمل، والمؤلم أكثر أن الباحثين وضعوا أحلامهم وطموحاتهم في حقيبة سفر وهاجروا، فحتى نحافظ على البقية الباقية منهم ونحافظ على دعائم منظومتنا التعليمية علينا اليوم قبل غد أن نكون جديين بالعمل، ولا نكتفي برسم الخطط وكتابة الأرقام، فالعبرة دائماً في التنفيذ.!
غسان فطوم
gassanazf@gmail.com