صحيفة البعثمحليات

الوزارات بعين المواطن . . جردة حساب رمضانية بحتة”الكهرباء” مرضي عنها و”السياحة” في السبات واستياء من أداء “التموين”

 

 

رغم الظروف القاسية التي مرت على أهالي دمشق (أمنياً ومعيشياً) لسنوات متعاقبة لم تخبُ يوماً حماستهم واستعداداتهم لاستقبال الشهر الفضيل، حيث تشهد الأسواق حالة تنوع ليس له مثيل في الأيام العادية، وتسارع العائلات بتحضيراتها وشراء المستلزمات الرمضانية رغم تقلص الإمكانات المادية لحدودها الدنيا في ظل ارتفاع الأسعار. وفي مقابل التحضيرات العائلية نشهد استعدادات حكومية أيضاً لتحسين الواقع الخدمي قدر المستطاع، بعضها يفلح والبعض الآخر يتعثر. ومع نهاية شهر رمضان لهذا العام استطلعت “البعث” ردود فعل الشارع الدمشقي على الإجراءات الحكومية طيلة الشهر والتي تباينت بين الرضى والغضب، وبين من تجاهلها كلياً “لعدم جدواها” مفرغاً كامل وقته للمسلسلات الرمضانية.
وفي مقدمة “المرضي عنهم” شعبياً كانت وزارة الكهرباء، حيث حل التيار المحبوب في رمضان ضيفاً مرحباً به بعد سبات شتوي طويل نتيجة نقص كميات الفيول، وكان التقنين في درجاته الدنيا؛ فلم تكتفِ الوزارة بتطبيق وعدها بعدم قطع التيار خلال وقت الإفطار بل تجاوزت ذلك لتنير كافة الليالي الرمضانية، ولم يتجاوز القطع في معظم الأيام ساعتين أو ثلاث كحد أقصى، وبذلك عاشت الوزارة باستقرار وسلام من الغضب الشعبي الذي صب على قطاعات أخرى.
في الدرجة الثانية حلت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في تعميمها “المتأخر” بمنع تصوير عمليات توزيع المساعدات، وعدم إظهار وجوه أو ذكر أسماء أي من المستفيدين، بعد أن باتت المتاجرة بالمحتاجين أقصر الطرق للشهرة “الفيسبوكية”، حيث شهدنا طيلة شهر رمضان زخماً في الكرم المفاجئ للكثير من الجمعيات والفعاليات التي تغيب لباقي شهور السنة وتكثف حملاتها الترويجية في رمضان على حساب الأسر الفقيرة، ورغم أن قرار الوزارة جاء متأخراً في الأيام الأخيرة من الشهر إلى أنه “فأل خير” إن تم تطبيقه كما يجب، بعد أن أصبح فعل الخير استعراضاً لا بد منه وسط عدسات الكاميرات لمجاراة المجتمعات “الكلاس”.
إشارات استفهام كثيرة أحاطت بوزارة السياحة ودورها في “التسلية” الرمضانية، فبعد ظهور موضة “تسالي رمضان” خلال السنوات الأخيرة في معظم المطاعم، واستخدامها كحيلة حضارية لتقاضي مبالغ خيالية مقابل “كمشة بوشار وكمشة مكسرات”، لم نرَ أي تصرف جدي من الوزارة لضبط المطاعم ومنع إلزام روادها بهذه التسالي، فضلاً عن غياب أي رقابة على الأسعار العشوائية، إذ يتراوح سعر وجبة الإفطار بين 8-12 ألف ليرة للشخص الواحد، ووجبة السحور بين 4-6 آلاف للشخص، ومعظم من التقيناهم رأوا أن الإفطار في المطعم بات رفاهية لا يمكن تحقيقها في المدى المنظور.
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كانت “نجمة الموسم” بلا منازع حسب تعبير البعض، فقبل بداية شهر رمضان كان لوزير التجارة لقاء مع التجار وصفه كثُر بالطريف لما جاء فيه من وعود وعهود تلاشت مع مطلع الشهر الذي شهد ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الخضار والمواد الغذائية، ما استفز الوزارة لنشر أسماء التجار ممن لم يلتزم بوعده وفتح جبهات جدل بين التجار والوزارة وغرف التجارة دون جدوى، واستمرت حالة فلتان الأسعار حتى منتصف الشهر تقريباً؛ إذ اعتدلت قليلاً بعد عدة إجراءات اتخذتها الوزارة وتكثيف جولات الرقابة مع مساعدة الظروف الجوية في خفض أسعار الخضار والفواكه، وكانت قد صرحت الوزارة في نهاية الشهر عن تنظيم 5400 مخالفة تتركز على البيع بسعر زائد والتلاعب والغش بالمواصفات. وإلى جانب المواد الغذائية شهدنا لدى جولتنا في الأسواق قبيل عيد الفطر ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الألبسة جعل من “مشوار السوق” الخوف الأكبر لدى العائلات لعدم قدرتها على مجاراة الأسعار المرتفعة حتى في “البالات”.
إعلامياً كانت السطوة الكبرى للدراما وما يتبعها من تحليل ونقد ومناوشات فنانين وإعلاميين تملأ الفضاء الإعلامي، يليها برامج المسابقات المتخمة بالاستعراض والتهريج على حساب الأسئلة المنطقية، وجوائز بالملايين مقابل اتصالات ورسائل بملايين الملايين، فيما تذمر كثر من “غلاظة” رسائل المسابقات المستمرة ليل نهار حسب وصفهم. أما “فيسبوكياً” فالمعارك لا تهدأ حيث يخلق ناقد في كل لحظة، وتتضارب الآراء فيما بينهم حتى تكاد تخرج الصدامات من الشاشة الصغيرة، فضلاً عن مباريات الموائد الرمضانية والتهافت لتصوير ما لذ وطاب من مختلف الأصناف.
ومع حلول عيد الفطر نأمل أن ترتقي الاستعدادات الحكومية لتأمين مستلزمات العيد وتوفير الخدمات خلال “العطلة السعيدة” لجميع المناطق، واستمرار “الفضائل” الخدمية بعدها حيث يتخوف كثر من نهاية شهر رمضان و”عودة حليمة لعادتها القديمة” بعد أيام الرفاهة المعدودة.
ريم ربيع